تأليف: الأستاذ علي بن محمد بن علي بن مشاري الفهيد
هذا الكتاب الذي نقدّمه الآن للقراء كتاباً جديداً كلية، فجدته في موضوعه وهو الحديث عن قاعدة لناحية مهمة هي ناحية الأسياح من منطقة مهمة هي القصيم.
والأسياح مهمة من نواحٍ عدة؛ فهي قاعدة ناحية ذات اسم تاريخي عريق هو النباج، فاسمها القديم الفصيح (النباج) وبعضهم يزيد في تعريفه فيقول: (نباج ابن عامر)، وابن عامر إضافة إلى الصحابي عبدالله بن عامر بن كريز الذي ولاه الخليفة الراشد عثمان بن عفان على البصرة وما حولها وأضاف إلى ذلك أن ولاه طريق حاج البصرة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وذلك بأن حاج العراق له طريقان أحدهما طريق حاج الكوفة، وهي طريق حاج بغداد ولا يمر بالقصيم وإنما يدعه على يده اليسرى، والثاني ينطلق من البصرة حتى يصل إلى النباج التي هي الأسياح في الوقت الحاضر، ومن ثم ينقسم إلى طريقين أحدهما الذاهب إلى مكة المكرمة وهو الذي يستمر متوجهاً إلى الجنوب الغربي ماراً بعدة أماكن معروفة الآن بأسمائها القديمة مثل الصَّريف الذي لا يزال معروفاً باسمه القديم، بل هو اسم له جاهلي، ثم بالقريتين قرب موقع مدينة عنيزة ويعرفان الآن باسم (القرية) بالتشديد وبصيغة التصغير، وتقع إلى الشرق الشمالي من مدينة عنيزة في الوقت الحاضر، والثاني تغيّر اسمه إذْ كان يسمى قديماً (العسكرة) ويعرف الآن باسم (العيَّاريّة) وتقع غير بعيدة من مدينة عنيزة أيضاً.
وهناك طريق فرعي يأخذ على العوسجة وتسمى الآن (خب العوشز) من خُبُوب بريدة الجنوبية ومعناه خب العوسج، وهو معنى عوسجة ثم ينطلق فيمر على عجلز في آخر خُبُوب بريدة الغربية، ويجتمع مع الطريق السلطاني الذي يمر بالقريتين عند (رامة) التي لا تزال معروفة حتى الآن باسمها القديم (رامة).
ثم ينطلق طريق حاج البصرة هذا حتى يصل إلى ضرية التي هي الآن محطة للسيارات قبل عفيف، تابعة لمنطقة القصيم بخلاف عفيف فإنه تابع لإمارة الرياض.
وكانت النباج التي هي الأسياح قد اندفنت عيونها ولم تعد تعرف، فأعاد عبدالله بن عامر بن كريز عمارتها وأساح مياهها، وذلك لكونها محطة مهمة من محطات طريق حاج البصرة إلى مكة المكرمة.
ثم سكنها مع ذريته حتى نسب النباج إليه فقيل (نباج ابن عامر) مثلما تقول الآن: (عين ابن فهيد)، لأن محمد بن فهيد هو الذي أعاد جريان العين وإساحة مياهها، وقام بعض آل فهيد بإجراء عيون أخرى أيضاً بجانبها، وقد أدركناها نحن تجري وتسقي النخل والزرع قبل وجود الآلات الرافعة للمياه التي تستنزف المياه.
ونعود إلى الأسياح فذكر أن قريشاً سكنت فيها عدة قرون ثم خربت الأسياح وبارت حتى خرج من العراق رجل غير عربي عبرت عنه الأساطير العربية بأنه رومي فأعاد إجراء إحدى عيون الأسياح وبنى في الأسياح قصراً حصيناً عرف بقصر مارد، و(بمارد) مجردة على اسم قصر مارد الذي في الجوف، فتقاتل هو والضياغم في الأسياح.
وقد أصابها الدمار فصارت العيون لا تجري حتى جهل الناس أنه كان فيها عيون جارية من قبل، ولكن القرى أو بعضها كانت موجودة مسكونة في الأسياح.
قالوا: وكان رجل من تلك الجهة وهو محمد بن فهيد قد ذهب إلى العراق فالتقى به عالم عراقي يعرف تاريخ النباج (الأسياح) من الكتب، وقال له:
هذا النباج فضله عبدالله بن عامر بن كريز وقومه من قريش على البصرة هو عندكم قالوا: فذهب محمد بن فهيد إلى الإمام عبدالعزيز بن الإمام محمد بن سعود أول حاكم للدولة السعودية الأولى في حدود عام 1200هـ فاستقطعها منه، وأجرى عيونها وأساح مياهها.
وقد أدركناها نحن وهي عيون تجري، وتسمى (عيون الأسياح) وسمى الناس مكانه (عين ابن فهيد) وهو الآن قاعدة الأسياح ومركز إدارته.
وها هو أحد أبناء آل فهيد النجباء يكتب كتاباً حافلاً عن (عين ابن فهيد قاعدة الأسياح) يضمنه كل ما يتطلع المرء لمعرفته عن تلك البلدة التي هي قاعدة الأسياح.
والأسياح الآن ناحية مهمة تقع إلى الشرق من مدينة بريدة على بعد 35 كيلومتراً وفيها سبع هجر- جمع هجرة- كل هجرة صارت قرية عامرة إلى جانب القرى التاريخية في الناحية مثل الجعلة وهذا هو اسمها الجاهلي (الجعلة) لم يتغيّر ومثل (التنومة) وهذا هو اسمها الجاهلي القديم، ومنها حنيظل، واسمه القديم الحنظلة و(ضيدة) واسمها هو الجاهلي الذي لم يتغيّر.
ومؤلف كتاب (عين ابن فهيد، قاعدة الأسياح) هو الأستاذ (علي بن محمد بن علي بن مشاري الفهيد).
وقد ذكر مقدمة الكتاب مع تعريف عاجل بالأسياح، وبيان اسمها القديم وموقعها الجغرافي والمظاهر الجغرافية في سطحها.
ثم ذكر المؤلف نواحي الأسياح ومناخها والغطاء النباتي في أرضها، وعدد سكان قراها وهجرها ثم عنون عنواناً مهماً عن السكان فيها قديماً وحديثاً.
وخلص بعد ذلك إلى ذكر تطور العمارة فيها وتاريخها القديم، وما قيل فيه من الشعر وأيام العرب التي يراد بها الوقعات والحروب التي جرت على أرضها، ثم ذكر فصلاً مهماً عنوانه (بنو هلال في الأسياح) وذلك أن العامة كانت تنسب كل عمارة أو عمل مهم في وسط نجد إلى بني هلال فتزعم أنه من عمل بني هلال.
ثم ذكر حكم سلطان مارد ونهاية حكمه.
ثم وصل إلى ذكر الآثار والأماكن التاريخية في الأسياح، وركز على آثار طريق حاج البصرة الذي يمر بالأسياح.
والعنوان الرئيسي بعد ذلك هو (عيون ابن فهيد) فيه ذكر تلك العيون وأهلها، وفيها ذكر عمارة (عين ابن فهيد، قاعدة الأسياح).
وبالجملة فإن المؤلف الكريم الأستاذ النابه علي بن محمد بن علي بن مشاري الفهيد لم يكن يترك شاردة ولا واردة حول عين ابن فهيد وحول الأسياح إلا اقتنصها وقدمها في كتابه وعرضها أمام القارئ زبدة خالصة وثمرة يانعة شهية تقع في 320 صفحة أثابه الله وزاده من التوفيق.
وكتابه جدير بالقراءة، بل والدراسة وهو حدير بالتقديم والعرض على من لم يعرفه، والله الموفّق
محمد بن ناصر العبودي - الرياض