الثقافية - سعيد الدحية الزهراني:
كما لو كانت الغربة قدره الأبدي.. يمضي أحمد أبو دهمان، الباحث والروائي والشاعر وسادن القرية التويترية مؤخراً، راحلاً مرتحلاً بين الأزمنة والأمان والثقافات.. في صورة السائل المتسائل على الدوام عما يريح الذات المبدعة، تلك التي تتشكل هويتها العميقة في صيغة البحث (اللا منتهي)..
محطة الأستاذ (أبو دهمان) الأخيرة حظي بها تويتر.. الذي شيد على عرشه الافتراضي قريته الجديدة فاتحاً أبوابها للأجيال والأجناس والأطياف دون تحديد أو تقييد.. كأنه يعيد بناء قريته التي احتضنت شهقته الأولى في جنوب المملكة «آل خلف» حين عانقها أولاً بفضائها المفتوح على كل شيء، إنساناً وطيراً وشجراً ومطراً وهواء وهوى..
بنى أبو دهمان قريته التويترية على مطل يشرف حقول الشعر والذكرى والغربة.. فبنى محبوه بيوتهم على امتداد الجبل الموصل إلى بيته الذي يستظل بشجرة الجمال..
يمضي أبو دهمان يومه داخل قريته التويترية وهو يحيي العابرين والساكنين.. إلا أن الوقت الأرحب يمنحه لنظره ونظرته المسكونة بشجن عميق وحنين عفيف.. وكأن سادن القرية التويترية تحول إلى بيئة الافتراض بعد أن أضناه الترحال والاغتراب بحثاً عن قريته المفقودة التي لم يعد يجدها إلا في روحه.. ولربما كان حلمه الأخير أن يحميها من الاندثار أو التشوه الذي طال الكثير من المعالم الحميمة داخله.. شأنه شأن المبدعين الحقيقيين القلائل على امتداد التاريخ..
«الثقافية» تواصلت مع الأستاذ (أبو دهمان) منذ أن عاد واستعاد وأسعد.. وهي اليوم تؤكد له ولمحبيه أن زاويته الخاصة في انتظاره متى ما أحب.. متمنين له الصحة والسلامة، ولمركز «الحزام» الثقافي والإعلامي والأدبي - الذي يزمع إطلاقه - التوفيق والنجاح.