عَصَفْنا مع الحزمِ لما عصفْ
بوارقَ للأملِ المؤتنَفْ
محافلُنا في مِهادِ النجومِ
تنمّقُ للمُشرِقِينَ الزُّلَفْ
فقلْ للمخبِّين أن يرتقوا
فثَمَّ إلى الغايةِ المزدَلَفْ
بنو الخيلِ والليلِ، بيداؤُنا
حكايةُ فجرٍ يغيظُ السُّدَفْ
يلوذُ بنا الظلُّ عند الهجيرِ
ونكمنُ للموتِ في المنعَطَفْ
ويُضمِرُنا الرملُ أسطورةً
وينبِضُ فينا حنينُ السعَفْ
ولسنا نمالئُ بُطءَ الطريقِ
ولا نتلكّأُ في المنتصفْ
أراجيزُنا نغماتُ الفصولِ
وتاريخُنا الرُّطَبُ المختَرَفْ
وصفوةُ أحلامِنا الباهياتِ
وأشواقُنا المائراتُ الشغَفْ
لأمِّ القرى ولمثوى الرسولِ
وليستْ لطهرانَ أو للنجَفْ
وإن عاد كسرى يربّي الضباعَ
فذاكرةُ المجدِ لم تُختَطَفْ
فذو قارَ ياقوتةُ الغابرينَ
وفي القادسيّةِ أزهى شرفْ
فيا عاصفَ الحزمِ شَرِّدْ بهم
زعانفَ راعفةً بالجنَفْ
شياهًا تمجّدُ جزّارَها
وتمشي الهُوينى وراءَ الجِيَفْ
وليست ترى نفسَها عنده
سوى عَلَفٍ! يا لمجدِ العلفْ!
***
ألِلشرقِ عهدٌ بألا يَرى
سوى الموتِ مرتجَلاً والدنَفْ؟
وأغلِمةٍ يوقظون القبورَ
وأزمنةٍ عاث فيها الخرَفْ؟
وشعبٍ يرى اللحدَ من بؤسِه
أحنَّ عليه وأندى كنَفْ!
يعشِّشُ في حُلْمِه الخاذلونَ
وينطِفُ من مقلتيه الشظفْ
وتَكْذِبُه هيئةُ الغادرينَ
ويَعرفُ! يا ليتَه ما عرفْ
دساتيرُها لُعبةٌ، حُكمُها
سَفاهٌ، تواريخُها من خزَفْ
فيا عاصفَ الحزمِ ميعادُنا
تكوّمَ في بؤسِه واعتكفْ
وإنا هرِمنا وأحداقُنا
طيورٌ على الموسمِ المشتَرَفْ
فصُغْ للجديبِ اخضرارَ المنى
وحُطْ بالبياضِ جُمانَ الهدفْ
وسُقْ غدَنا ناضحًا بالجلالِ
ونجِّدْ له بالإباءِ الغُرَفْ
وقلْ للقناديل آن الهجوعُ
وللفلَقِ المختبي لا تخفْ
***
أضِئْ حين يحتشدُ المظلمون
فضوؤُكَ أجملُ ما يُقتَطَفْ
- عبدالله بن سليم الرشيد