الثقافية - عطية الخبراني:
بعد (مشوار طولان) غادر الدنيا «الخال» وصاحب القصيدة المصرية المحكية الأبرز الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، بعد صراع طال مع المرض الذي ظل ينخر في رئة سيد الحكايا والشعر، وصديق اللهجة البسيطة ذات الأفكار العميقة، إذ غادر الدنيا بعد 74 عاماً تقريباً من الركض بين فصول القصيدة اللهجية والمواقف التي سجلها عبر قصيدته وصوته، ليترك إرثاً شعبياً كبيراً، وهو إلى جانب ذلك صاحب اهتمام بكل ما يتعلق بالموروث واللهجات الشعبية، وكتب في ذلك بحوثاً وأعد دراسات وقدم لكتب، كما شدا بقصائده عدد من مطربي مصر والوطن العربي أبرزهم عبدالحليم حافظ، ومحمد رشدي، وشادية، ونجاة الصغيرة، ووردة الجزائرية، وماجدة الرومي، وطبع عدداً من الأعمال الشعرية التي وصل صداها لأرجاء الوطن العربي كافة.
ولم تكد تهدأ الشعرية العربية وتستكين قليلاً من ألمها حتى باغتها رحيل هرم شعري آخر هو شاعر القارة السمراء محمد الفيتوري، الذي رحل بعيداً عن موطنه الأصلي السودان، بعد هجرة دامت لأعوام طويلة إثر سحب جنسيته، لكنه ظل يغني من أجل وطنه وقارته، معتمراً لغته التي لا تشبه إلا سمرته، ومطالباً (لا تحفروا لي قبراً) لأن جسده موزع على خارطة بلاده وقارته، وقصائده ترش رذاذ الكلمات الموجعة على تراب هذه البلدان. والفيتوري نشأ في الإسكندرية ودرس في الأزهر الشريف وتنقل بين البلدان العربية شاعراً ودبلوماسياً، كتب القصيدة الحديثة ويعد أحد أبرز روادها، وكتب المسرحية كذلك، وأصدر عدداً كبيراً من الدواوين لعل أبرزها: أغاني إفريقيا، عاشق من إفريقياً، معزوفة درويش متجول، البطل والثورة والمشنقة، عصفورة الدم، عرياناً يرقص في الشمس، كما حصل على الكثير من الجوائز والأوسمة.