بدعوة من (منظمة سوكا جاكاي الدولية - فرع الخليج العربي) كانت لي مشاركة شِعريَّة في مهرجان الشِّعر «قلب شاعري 2015»، الذي نظَّمته المنظمة للعام الرابع على التوالي، في مدينة دُبي (الإمارات العربيَّة المتَّحدة)، خلال الفترة من السبت 7 فبراير إلى الأحد 8 فبراير 2015. أقيم المهرجان في القاعة الرئيسة من جمعية الندوة الثقافيَّة العِلميَّة في (الممزر)، وتضمَّن خمس فقرات شِعريَّة وموسيقيَّة. وقد تمحورت موضوعات الشِّعر هذا العام، كما في الأعوام السابقة، حول السلام والتناغم الكوني والبيئة مع التأكيد على موضوع «الصداقة» الإنسانيَّة.
كانت التجربة جميلة ومثيرة، بحضور شعراء من معظم دول العالم، ومشاركة الشاعر (جاسم الصحيح) من السعوديَّة. لكن الشاعر في ذلك المهرجان كان أمام تحديين: كيف يقدِّم قراءة مُرْضِيَة في عشر دقائق؟ وكيف يقدِّم ترجمةً معقولةً لشِعره لغير الناطقين بالعربيَّة؟ فالشِّعر لا يُترجَم، اللهم إلّا بالمعنى، وحينئذٍ لا يعود شِعرًا، وإنْ هو أشبه الشِّعر، لم يشبه الشاعر.
مهما يكن من أمر، فقد اخترتُ ثلاث قصائد، اكتفيت بترجمة أولاها. هي «ذاكرة الموسيقى»، وتفضَّلتْ بترجمتها (الأستاذة وفاء أبو شميس)، و(الأستاذ مفيد شيخة)، من (جامعة النجاح) في (فلسطين). للأسف لم يُورِد المنظِّمون اسمَيهما في العرض المرئي. والقصيدة من مجموعتي الشِّعريَّة الأُولى (إذا ما الليل أغرَقَني، (الرياض: دار الشريف، 1991)، ص51- 57).
أمّا القصيدة الثانية، فهي «صوت القادم من سواد الأسئلة»، من مجموعتي الشِّعريَّة الثانية (فَيْفاء.. هَبَّة الطفولة، (ط.1، دمشق: اتحاد الكتّاب العرب، 2005، ط2، بيروت: الدار العربيَّة للعلوم/ نادي جازان الأدبي، 2012)، ص59- 67)، والقصيدة الثالثة «راقصة التنغو»، من المجموعة الشِّعريَّة الثالثة (متاهات أوليس/ قيامة المتنبي»، (الدار البيضاء/ بيروت: المركز الثقافي العربي/ نادي الرياض الأدبي، 2015). وراعيتُ في الاختيار أن يتفق مع طبيعة المهرجان، من التمحور حول قضايا الإنسان عمومًا.
ذاكرة الموسيقى
تَنسابُ نُورًا سَلسليَّ الإنهمارْ
تَمتاجُ كالعزمِ اعتلاءً وانحدارْ!
رُوحٌ مُحَلِّقَةٌ بنا.. في جُنحِها
أرواحُنا تسمو على دُنيا الصَّغارْ!
من ثَغرِ ما خلفَ الوجودِ تَسلَّلتْ
وسَقَتْ بكأسٍ ما تَمَلُّ منَ الدُّوارْ!
ناجتْ بآمالِ الحياةِ ويأسِها
وحكتْ لنا سِرَّ انبناءٍ وانهيارْ!
هيَ نغْمةٌ قد مازجتْ نفسي، فلم
أُدركْ لها نبعًا ولم أَكشِفْ سِتارْ!
هيَ عُنْصُري مُذْ كنتُ ثَمَّ عجينةً
من طِينةٍ أزليَّةٍ أو من غُبارْ!
سالتْ إليها مهجتي.. سارتْ لأصداء
تُناديها إلى ما لا قَرارْ!
عادتْ بتِمثالي إلى ذرَّاتِهِ
الأُولَى ورُوحي في ذُهُولٍ واحتيارْ!
فوجدتُ في سِفْرِ الخيالِ لَذاذتي
محفوفةً في كلِّ كأسٍ بالمَرارْ!
وشَهِدتُ كيف تكاثرتْ في خاطري
عَبْرَ العُصورِ بناتُ فِكري كالشَّرارْ!
ووجدتُ جَدِّي في النعيمِ.. سألتُهُ:
لِمَ يا أبي تجتاز هاتيكَ الثِّمارْ؟!
فأشارَ نحوَ الأُمِّ حَوَّاءِ الجمي لةِ
مُؤمِئًا.. يا ويلتا ما صارَ صارْ!
ورأيتُ قابيلَ بنَ آدمَ مُشْرِعًا
المَوْتِ صَدْرَ أخيهِ مَشْبُوبَ السُّعارْ!:
إِنِّي أنا قابيلُ وَحدي ها هنا
سأُدَمِّرُ الدُّنيا.. ودُنيايَ انتِصارْ!
ورأيتُ أنسالَ الفَناءِ، من الحَصاةِ
إلى النَّواةِ، وعَصْرِ فُجْرٍ وانفِجارْ!
وشَهِدتُ منَ بِدَعِ الغَرامِ روائعًا
وارتعتُ من ضِغْنِ الأَنامِ المُستَطارْ!
واستيقظَ السَّاري.. وها قد طُرِّزَتْ
أسمالُ ثَوبي بالنَّجيعِ وبالنُّوَارْ!
فبكيتُ بين خيوطِها لَوْنَ الفَرا
شَةِ.. شَوَّهَتْها في دَياجي البَغْيِ نارْ!
** ** **
The Memory of Music
Poet: Prof. Dr. Abdullah Bin Ahmad AlFaify
Translated by: Wafa Abu Shomais،Mufeed Shaikhah
It flows as strands of light subsequently
Sweeping like determination undulating; ascendingly falling!
A hovering soul we are all there winged
Higher over diminutives our souls transcend!
Sneaking out through the mouth behind being
Drunken a glass never tired of circulating!
Conversing the hopes of life and its despair
And narrating secrets of constructing and impair!
A tune it is،so deep it mingles myself within
Neither did I reach a fountain for nor its hidden!
It›s been the material for me and the element
Since eternal dough of clay،I was،and a little dust!
The inner heart of me streamed to it and streaked slowly
Towards echoes that reflected calling endlessly!
It brought my original statue back to its initial atoms
To my beginning،and my soul set bewildered in maze!
So did I find in the book of illusions my pleasures
In each cup surrounded all by bitterness!
And I witnessed how،in my mind،thoughts
Of passing days multiplied as fire sparks!
My father in paradise،I found... I asked
Why،father،that fruit you passed?!
Nodding and towards the charming Eve he pointed
Alas! Lamenting! What to happen inevitably happened!
And I saw Cain،son of Adam،fire flaming
With death on his brothers chest initiating!
«It is me،Cain،and here I am alone
Shall destroy the world and victory is mine!»
And I saw the mortals from pebbles to nucleus
And so did I see a banging age of licentious!
And I witnessed wonders of love splendors
But shocked in fear for malice and vicious!
And the night traveler woke up… and there I saw my dress fold
Embroidered with flowers and blood!
So I cried between its strings for the butterfly color
Which distorted،in the darkness،by oppression and fire!
وفي المقال التالي نواصل عرض حكاية «القلب الشاعري»، ونصوصه الشِّعريَّة.
- الرياض
p.alfaify@gmail.com ** ** http://khayma.com/faify