د. نجوى أحمد .. فنانة من سوريا تنسج لوحاتها بشفافية الألوان بإيقاع فسيفسائي
الموضوع عند الفنانة السورية الدكتورة نجوى أحمد لم يكن إلا سبيل جذب لكسب المشاهد؛ لتصل به إلى وجدانه، خصوصاً في ما اختارته من مواضيع بعض لوحاتها، وخصوصاً في مراحلها الأولى بالتعامل مع الإيقاع الفسيفسائي الذي برزت به، وقدمت من خلاله مجموعة تعدّ دراسة لهذا التوجّه والمرحلة، تجاوزتها إلى مراحل لاحقة، عادت فيها إلى ليونة الخط ونعومته وإيقاعه الموسيقي الهادئ الذي عكس ما يظهر به الخط أو لمسة الفرشات الحادة والمستقيمة التي قد يراها البعض جامدة وجافة، إلا أن الفنانة وبما أعدته لهذه التجربة من عتاد مزجته بالخبرات الطويلة أكاديمياً أو ممارسة استطاعت أن تنقل المشاهد والمتلقي للعمل من حال الأعمال الفسيفسائية التي تحتضنها الكنائس في بداية التعامل مع هذه الخامة التي تُشكّل من الأجر أو الطين وإعدادها كمكعبات تشكل في مجموعها لوحات، يتم تصميمها وتصنيع القطع خصيصاً لكل شكل وصولاً إلى تأثر الفنون الإسلامية وتوظيفها في المساجد والحدائق.
تمكنت الفنانة الدكتورة نجوى من خلال توظيف الفرشات بألوان وإيقاع جاذب وباعث للإعجاب.. أماكن.. وشخوص.. ذكريات وتأملات، كانت جميعها حاضرة في اللوحة، جسداً يتنقل، ويتبدل حسب الفعل والأداء.. تتجدد فيه الفكرة المستفزة للإبداع.. معان ودلالات.. سكون وحراك بتقنية الإكريليك على القماش، مواضيع وتلميحات رمزية تعانق الانطباعية، وتقترب من التجريد، تتمسك بالواقع دون مطابقة، تخفي خلفها رغبة أن يصبح الفعل الفني شكلاً من أشكال التعبير.. رسالة بصرية.. تطل أحياناً بجرأة وتختفي مستترة أحياناً.. تنتهي بإقناع المتلقي.. أحاسيس ومشاعر وتفاعلات.
تجد الدكتورة في واقعها الحقيقي والمتخيّل والمركب تجلياً روحياً.. عناوين متعددة تختلف باختلاف الأحداث والأماكن، أظهرت خاصية تقنية الإكريليك، وأجادت التعامل معها بخبرات المعلم والمجرب، فتحكمت فيها وشكلتها وطوعتها لتخرج من أعماقها جماليات شفافيتها؛ لتحيلها إلى لغة الشكل لوناً وخطوطاً وكتلاً، الفكرة والمعنى لدى الفنانة تتحول إلى عناصر تتوالد من لوحة إلى أخرى.
انصهارات ومزج بصري يدركه المشاهد أحياناً باعتباره لوناً، وأخرى عناصر تحيل اللوحة إلى مسرح ألوان حارة، وأخرى باردة، تعكس حالات نفسية متفائلة.. رسائل تخاطب الوجدان، وتبقي في ذاكرة المشاهد انطباعاته وتأويلاته الخاصة. تتنوع مواضيع الفنانة بين نقل من الواقع واستحضار لمواقف أو رسم لطبيعة ميتة، لكننا هنا لا ننظر إلى هذه الأعمال من منظور التطابق والبحث عن مستوى تحقيق الفنان القيم الفنية لبناء اللوحة، وخصوصاً أن الفنانة تتعامل مع إيقاع صعب المراس من حيث قسوة (اللمسة) أو لحظة وضع اللون لرسم خط وهمي محسوس وغير مرئي؛ إذ نرى هذا التعامل إبداعاً جعل من الأشياء في محيط الفنانة إيحاءاً يحمل إشارات، تقدمها لعين المتلقي أطباقاً بمذاق لا يمل بوصفها إعادة تدوير لما يصدر ويرد من الطبيعة، أحالت عناصر المضمون العادي إلى كائنات تخرج من شرنقة الطبيعة؛ لتتحول إلى فعل ثقافي. أشكال وألوان ووضعيات تستنطق بها مكنون الذاكرة الإنسانية، بأنماط التفكير تتجلى فيها الذات الإنسانية على شاكلة سر أو حلم يقظــــة، لا يفسره سوى الفنان انطلاقاً من أن ثقافة الفن التشكيلي عصية، تتعرض للبحث والتحليل الدائمين. من هنا يمكن النظر إلى أعمال الفنانة الدكتورة نجوى من زوايا عدة تماشياً مع نظرتها للأشياء والعالم مستبعدين وصف أعمالها الفنية بالإتقان كحرفة، وإنما باعتبار الفن إبداعاً سامياً، يحقق الإشباع الجمالي في ذاته وجماله نقلة نحو الرومانسية والخيال.
مع أن الفنانة د. نجوى تمتلك القدرات العالية أكاديمياً إلا أنني أرى في نقلتها المباشرة في اتجاه التعامل مع الموضوع كشكل من أشكال الرسم الصحفي أعادنا إلى مرحلة التخيل والتمسك بأحلامنا الجميلة في مرحلة من مراحل العمر.. الوجه الجميل وانسيابية الخطوط وملء المساحة بأطياف من الرموز العاطفية.
فلسفة الشكل ومصادر الإلهام
قيل عن الفنانة نجوى إنها استقت مفرداتها التشكيلية من البيئة الشعبية كأطباق القش الملونة والبسط اليديوية المصنوعة شعبياً من بقايا القماش الملون، وقد استوقفتها طريقة بنائها الهندسية ومرادفاتها اللونية، وكانت الشرارة الأولى لمحاولة تجسيد ذلك من خلال ألوان الإكريليك والزيت.
ثم كانت محاولة للتعمق من خلال الموروث الثقافي المحلي المتمثل بلوحة الفسيفساء وطريقة رصف أحجارها ومظهرها البصري الناتج عن رؤية سطح وحيد لمكعباتها، فكانت الفسيفساء مفردتها التالية (علماً بأنه كان لها تجارب في الفسيفساء أثرت تجربتها في اللوحة).
** ** **
السيرة الذاتية
- عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين.
- إجازة في الفنون الجميلة قسم التصوير 1991م - دبلوم دراسات عليا 1994م - ماجستير 2008م - دكتوراه 2013م.
- مدرسة في كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق منذ عام 1991م وفي كلية الفنون الجميلة لاحقاً، وعضو هيئة فنية بدرجة (مدير أعمال).
- أبحاث في الفن التشكيلي منشورة في مجلة جامعة دمشق وجامعة تشرين والصحافة المحلية.
معارض فردية
- معارض في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق في الأعوام 1994م - 2008م - 2013م.
- معرض في المركز الثقافي في القدموس 2008م.
- معرض صالة اتحاد الكتاب باللاذقية 2009م.
- معرض في المركز الثقافي في عين البيضا 2013م.
أهم المشاركات
- ملتقى إهدن الدولي في لبنان 2004م.
- معرض الفنانات السوريات في متحف الفن الحديث 2005م.
- معرض الفنانات السوريات في العاصمة الأردنية عمّان 2009م.
- جميع معارض أساتذة الفنون في كلية الهندسة المعمارية بجامعة تشرين.
- المعارض الدورية لوزارة الثقافة واتحاد التشكيليين في المحافظات السورية.
- مهرجان تدمر الدولي 2008 - 2009م.
- معرض القدس عاصمة الثقافة 2009م.
- معرض (تحية للفنان أنور الرحبي) حلب 2008م.
- معرض (نساء من سوريا) في تدمر 2009م.
- معرض ثنائي مع الفنان سموقان اللاذقية 2012م.
- حصلت على العديد من شهادات الشكر والتقدير من جهات خاصة ورسمية محلية وعربية.
- monif.art@msn.com