رحم الله الباحث الدؤوب والكاتب الأستاذ خالد البسام الذي وافته المنية الأسبوع الماضي، وهو لم يزل في قمة عطائه ونشاطه. فجزعت لخبر رحيله المفاجئ عن دنيانا. ومن المصادفات أن يكون موعد وصولي الى البحرين في يوم وفاته؛ فقد قرأت نعيه في الصحف البحرينية التي أفاضت في الحديث عن مؤلفاته وإنجازاته في ميدان البحث والتحقيق والغوص في موضوعات طريفة طواها الزمان عن تاريخ البحرين مثل: التعليم قديما، واكتشاف النفط، والمستشفيات، والمقاهي، والأندية الثقافية والرياضية، ودور السينما، والمسرح، وبدايات الإذاعة، والصحافة، والطباعة، وإعلانات زمان. ويؤسفني أنه على كثرة زياراتي إلى مملكة البحرين الشقيقة إلا أننا لم نلتق إلا مرة في معرض الرياض الدولي للكتاب منذ سنوات أثناء توقيعه على روايته «لا يوجد مصور في عنيزة»، والصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. كان لقاء قصيرا وعابرا لم يزد عن بضع دقائق ثم انصرفت مسرعًا، ولم نلتق بعد ذلك حتى وفاته.
عرفت الأستاذ البسام من خلال كتبه المهمة والمتميزة التي كانت لها أصداء طيبة لاسيما عند الباحثين والمهتمين بتاريخ الخليج، فوجدوا فيها ضالتهم من حيث دقة المعلومات، وطرافة الموضوعات، ورجوعه إلى مئات الوثائق والأوراق القديمة دون كلل ولا ملل.
كان باحثا دؤوباً وعاشقاً لوطنه البحرين التي أحبها محبة العاشق، فطفق يسافر إلى مكتبات العالم ومراكزها ينبش هنا وهناك عن تراثها، وتاريخها، ووثائقها؛ ليخرج لنا هذه الكنوز المطمورة المتمثلة في تلك الكتب القيمة: خليج الحكايات، وتلك الأيام، وحكايات من البحرين، والبحرين تروي، ورجال في جزائر اللؤلؤ، وشخصيات بحرينية وغيرها، والتي ستكون مرجعًا أمينًا وصادقًا للأجيال القادمة بإذن الله. ومثلما تابعت كتبه من المكتبات ومن معارض الكتب حرصت أيضا على متابعة مقالاته في صحيفتي «الأيام» البحرينية و»الشرق الأوسط» اللندنية.
ومن الذين كتبوا عن البسام وأنا هناك الدكتور منصور سرحان في صحيفة «أخبار الخليج»، وكانت مقالة مؤثرة أشار فيها إلى عمق الصلة التي كانت تربطه بالراحل، وكيف أنه أعاره نسخته الأصلية النادرة من مجلة «صوت البحرين» - ومثلها لا يعار- قبل أن تعاد طباعتها - تصويرا- بعد ذلك بسنوات طويلة عن طريق مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة رحمه الله.
سعد بن عايض العتيبي - الرياض