تواصل الأديبة والكاتبة اللبنانية المقيمة في دولة الكويت الأستاذة عواطف الزين، صاحبة (صالون عواطف الزين الثقافي) السير الحثيث في دروب الإبداع والكتابة الصحفية والتأليف ورصد المواقف والصور والأحداث المتعددة الممتدة زمنياً والإعداد التلفزيوني والإذاعي لأكثر من عقدين من الزمن، فهي - إلى جانب نشاطها الإعلامي المسموع والمرئي - قد صدر لها:
1 - كل الجهات.. الجنوب، عام 1994م عن الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان, وهو من أدب الاحتلال.
2 - أوراق ملونة.. عام 1995م، وهو مجموعة مقالات ثقافية وفنية واجتماعية وصحفية متنوعة.
3 - زمن الصداقة الآتي.. 1999م وهو مجموعة قصصية وجدانية.
4 - وجوه للإبداع وهو كتاب ثري جداً صدر عام 2000 م ويتناول عدداً من الشخصيات الثقافية والفنية الكويتية والعربية في الشعر والقصة والبحث الأدبي... إلخ
5 - الثقافة وطن.. 2003م وهو لا يختلف كثيراً عن سابقيه في عرض ورصد مجموعة من المقالات والرؤى الفكرية والاجتماعية ويحمل الكتاب اسم برنامج ثقافي تلفزيون في إعداد المؤلفة اسمه (الثقافة وطن) تم عرضه من تلفزيون دولة الكويت.
6 - لو ينطق البحر..
7 - أوراق امرأة..
8 - عزيزي النابض حباً.. حول الإعاقة والتوحد..
وغيرها من الكتب والإبداعات المتنوعة الأخرى.
والكتابة عن كل واحد من هذه الإصدارات الثرية القـَيِّمة تحتاج الى وقت خاص.. لأنها كُتُبٌ تطرح تجارب ومشاهد نعيشها جميعاً، وأحلامنا وهمومنا فيها مشتركة مهما تباعدت الديار والزمان، وبالأخص من له صلة بالوسط الثقافي والإعلامي والفني.
وفي الحقيقة، فإن الأستاذة عواطف الزين التي حظيت بلقب (ملكة جمال مهرجان القاهرة السينمائي لعام 1983 م).. منجم ثقافي وإبداعي بشري جميل.. وهي تجمع في كيانها ما يتمتع به موطنها لبنان من معطيات حضارية وفكرية وفنية وأدبية، وما تزخر به دولة الكويت - حيث تقيم وتعمل - من عمق واهتمام بارز في الجانب الثقافي والإعلامي والفني على المستوى الخليجي والعربي.. فهي - إلى جانب موهبتها وقدرتها الأدبية - قد تشبعت من هاتين الدولتين وانعكس ذلك على عطائها وفكرها وإبداعها.
وفي هذه المقالة.. سنكتب الواقعية وشيئاً من الاقتراب والحيادية والصدق عن واحد من إصداراتها الأخيرة المميزة وهو كتاب (أنا.. وحكايا النجوم.. جزء من سيرة صحافية)، الصادر عن دار بيسان للنشر والتوزيع ببيروت عام 2014م، وهو في الواقع جزء من سيرة ذاتية وانطباعية وصحفية وشخصية.. عن عدد من نجوم الفن الغنائي والسنيمائي والتلفزيوني والمسرحي والإخراجي في الوطن العربي ممن الذي عايَشَتْ المؤلفة أعمالهم وتابعت بعضهم منذ الصغر..
وقبل أن نسبر أغوار هذا السِّفر الصغير حجمًا القَيِّم موضوعًا.. لا بد من الإشارة إلى أن الكاتبة تتمتع بأسلوب جذاب وبسيط ومباشر وقريب من القلب وبشيء من التفصيلات الروائية بأسلوب السهل الممتنع الذي يجعلك تشعر أنك تريد أن تقول أنت.. بالضبط ما قالته المؤلفة حيال أمر ما.. أو شخص أو فنان.
أي أننا نشاطرها الرأي والقول والمشاعر في أغلب ما ورد كتابها الجميل، وأحسب أن أغلب المجايلين لنا (أي من جيلنا) يشاطرها ذلك أيضاً.
ولن نستطرد كثيرًا في تناول كل تفاصيل الكتاب, الذي يُعد مرجعاً هاماً في تاريخ وفن الصحافة الفنية وسير نجومها، ولا الإشارة إلى (زمن الصحافة الجميل) الذي ولّى وتركنا جمادًا بلا جمال..
لكننا سنعرض لبعض ما جاء فيه، فقد رصد عددًا من اللقاءات الصحفية التي أجرتها الكاتبة مع بعض الفنانين الذين أُتيح لها اللقاء بهم داخل الكويت أو خارجها، وذلك في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية الماضية وكذلك معلومات وأحداثاً، وصورًا نادرة جمعت بين الأحباب، والأنداد كصورة المطربَيْن عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش (ص 25).
وفي هذه اللقاءات تنثر المؤلـّفة أسئلتها الذكية أمام الضيف.. الذي قد تكون إجاباته أقل من مستوى الأسئلة نفسها..
- والكتاب يعرض هذه الحكايا بالمقال المكتوب المقرون بالصورة تارة، وبالصورة فقط تارة أخرى، فنجد الكاتبة في صورة تجمعها مع أحد النجوم الكويتيين أو العرب فقط دون مقال أو سرد حكاية أو لقاء لهذه الصور، كما في الصفحات: 28/34/46 وغيرها، كما نجد مقالاً وحديثاً عن نجم آخر قد تجمعه معها صورة واحدة أو لا تجمعه.. مما يعني أن حكاياها مع النجوم مزدوجة بالكلمة أو بالصورة أو بهما معاً.
- بَيْد أن هناك بعض الصور الشخصية للكاتبة بمفردها في الكتاب، لا علاقة لها بالنجوم وحكاياهم كصورتها في باريس، ص 135، و156
بالإضافة إلى انطباعات عامة وخاصة عن ذكرياته وتصوراتها عن بعض الفنانين وسيرهم..
وقد عرضت 28 نجماً عربياً من الجنسين، يزيد عليهم نجم واحد هو المخرج اللبناني محمد سلمان الذي جاء الحديث عنه في سياق الحديث عن زوجته المغنية نجاح سلام، وبينهم نجم كويتي واحد فقط هو الفنان النجم (عبد الحسين عبد الرضا) الذي جاء في آخرهم، وهذه قد تكون ملاحظة ملفتة، فالمؤلفة تعيش في الكويت منذ عشرات السنين ومن غير المعقول أن لا يكون أحد من الفنانين الكويتيين غير قريب إلى نفسها بحسب ما جاء في مقدمة الكتاب:
(لكن من اخترتُ الحديث عنهم كانوا من الأقرب إلى نفسي وجمعتني بهم أو بالعديد منهم ذكريات مشتركة)، ص 7
صحيح أنها قد رصدت عددًا لا بأس به من اللقاءات الصحفية المميزة والنادرة لفنانين مسرحيين كويتيين في كتابها (وجوه للإبداع) لكن كتاب (أنا وحكايا النجوم) يحمل السيرة والحكايا.. فهل ليس في الكويت غير الفنان عبد الحسين عبد الرضا يتمتع بهذه الميزة..؟
وهذا الموضوع قد (يغضب) أستاذتنا السيدة عواطف الزين، لكنه - في نظري - ملفت للانتباه في وجوه عديدة، ودلائل تشير إلى زعمي هذا:
- منها: أن المقطع الأخير من حكاية النجم عمر الحريري الذي هو قبل النجم الأخير في الكتاب يدل على أنه آخر فصل ومقطع في الكتاب، وخاتمة له - بحسب فهمي لقراءته -.. فهي تقول في، ص: 172، 173:
(هذه الصورة التي جمعتني بالفنان عمر الحريري في بدايات عملي الصحافي في دولة الكويت تختصر حكاية طويلة عمرها أكثر من ثلاثين عاماً حافلة بالذكريات والوجوه والصور في شارع الصحافة الذي يمتد من القلب إلى القلب بما يحتويه من مشاعر وحنين إلى زمن الصحافة الجميل الذي فتح أمامي باب التواصل مع عدد كبير جداً من نجوم السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة في كل مكان من الوطن العربي، فالكويت كانت ولا تزال وستظل بلاد العرب وبلاد الفن والثقافة والصحافة).
ويعني ذلك أن حكاية الفنان عبد الحسين عبد الرضا - بحسب ظني الذي قد يكون غير مصيب - قد تمت إضافتها بعد الانتهاء من ترتيب الكتاب، حيث انْتـَبَهَت المؤلفة لذلك.
ومنها: أنه أول شخص سَمِعَت به المؤلفة في قدومها للكويت، بحسب ما جاء في حكايتها عنه ص: 176 مع صاحب السيارة، وبالتالي فقد لزم أن يكون عبد الحسين أول نجم تتحدث عنه زمنياً..
ومنها: أن طريقة استعراض بعض أعمال عبد الحسين (من الناحية الشكلية في الكتاب) جاءت على شكل قائمة عمودية - أظن أنها - مُعَدَّة مُسْبقاً بخلاف طريقة ذكر الأعمال الفنية للفنانين والنجوم الآخرين في الكتاب، كما أن القائمة لم تتضمن أبرز وأشهر مسلسل قام به عبد الحسين وهو (درب الزلق)، وربما قد سقط سهواً من معد القائمة.. فمن غير المعقول أن يكون هو النجم الكويتي أو الخليجي الوحيد الذي يتم الحديث عنه في الكتاب، إلى غير ذلك من الملاحظات، التي لا تقلل أبداً من شأن وقيمة الكتاب - المرجع..
أما النجوم الذين تناولهم الكتاب فهم بحسب ترتيبهم فيه:
أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان وصباح وفيروز ووديع الصافي وعبد الحليم حافظ ونجاح سلام ومحمد سلمان وبليغ حمدي وشادية ونجاة الصغيرة وفيلمون وهبي وسميرة توفيق ودلال الشمالي وفاتن حمامة وإسماعيل ياسين وعبد المنعم إبراهيم وعادل إمام ومنى واصف ومحمود ياسين ونور الشريف وعاطف سالم وعاطف الطيب وعبد المجيد مجذوب وعمر الحريري وعبد الحسين عبد الرضا.
مقتطفات ووقفات
مع الحكايا والنجوم..:
قد يعرف الكثير من القراء عن أغلب الأسماء الكثير من الجوانب لكن القليل منهم يعرف شيئاً عن حياتهم الشخصية أو أمزجتهم أو طريقة تفكيرهم أو حتى أخلاقهم وسلوكهم..
- فمثلاً لم يعجبني أبداً تصرّف الفنانة الكبيرة نجاة حسني (نجاة الصغيرة) مع المؤلفة ولا لامبالاتها معها وصمتها وهي تعلم - أي نجاة - إنها نجمة وملك للآخرين ومُعَـرَّضة للأسئلة واللقاءات الصحفية والإعلامية وغيرها في أي وقت، وفي أي مكان.. ومع أي أحد،
ولا التصرف غير اللائق من النجم محمود يا سين في عدم الرد على الهاتف، مع إصرار وجرأة الكاتبة لعمل اللقاء الصحفي معه، والاستفادة من أي فرصة لزيارة النجوم لدولة الكويت، رغم وجود مواعيد مسبقة مع النجمين المذكورين.
- عمر الكاتبة 12 سنة، حينما كانت تستمع لأم كلثوم.
- وقد يطول الحديث هنا حينما نسرد أحلام المؤلفة وأخيها في كتابة الأغنية وكذلك حكايتها الطريفة مع الموسيقار محمد عبد الوهاب عندما ردت على اتصاله الهاتفي من مكتب صديقتها، ولم تصدق أنه هو، وتنشر مقطوعة جميلة من كتاباتها الوجدانية المبكرة، التي أرسلتها لأم كلثوم لتغنيها.. ويا ليتها نشرتها بالكامل، ومنها:
يا ما الهوى جرح قلوب عاشقين
يا ما الهوى بكّى عيون هايمين
واحنا نداري في قلوبنا
مع العشاق نقول صابرين.... إلخ
- فريد الأطرش: ونزول خبر رحيله عليها كالصاعقة.
- صباح كانت تقيم في (فندق) متواضع في بيروت بدعوة من أصحابه..
- فيروز: إجاباتها مقتضبة.
- عبد الحليم: لم تلتق به، وتقول في حكايتها معه : إن هناك أصواتاً يفوق جمالها صوته كمحمد قنديل، ص 52، وتطرح رؤية وتساؤلاً هاماً يدور في ذهن الكثير من الناس وهو: لماذا لا يمكن للغناء الوطني بمفرده أن يكرس مطرباً أو يجعله مفضلاً بمعزل عن الغناء الوطني والوجداني.. إلى أن تجيب على هذا السؤال: لأن الغناء الوطني ليس مشروعاً متكاملاً، وإنما هو غناء مناسبة، وتضرب على ذلك أمثلة ومشاهدات.
- بليغ حمدي: تذكر أن أغنيات محمد رشدي: عدوية، ووهيبة تركت أثراً أعمق في نفوس المستمعين أكثر من أغنيات عبد الحليم التي لحنها بليغ، وهي: على حسب وداد قلبي، وأنا كل ما أقول التوبة../ وهذا غير دقيق، وقد لا نوافق الكاتبة على رأيها في هذا، فهاتان الأغنيتان اشتهرتا لدينا في الخليج وتفاعل الناس معهما أكثر من أغنيتي محمد رشدي..
- شادية (تُسْقِطْ) الكاتبة بمادة (الحساب) في الصف السادس الابتدائي في أغنية عن (الليل) تذاع في (النهار)!، ولم تعرض شيئاً من أغنياتها الشهيرة الجميلة كـ: بوست القمر، قولوا لعين الشمس، يا حبيبتي يا مصر، خلاص مسافر، يا دبلة الخطوبة، اتعودت عليك، آه يا أسمراني اللون .... إلخ..
وإخيراً، فإن الكتاب قد أماط اللثام عن فنانين مشهورين لم نكن نعرف عنهم أكثر من فنهم، كعبد المجيد مجذوب، وعاطف سالم، ومنى واصف، وعبد المنعم إبراهيم، ودلال الشمالي..
لكنه خلا من نجوم سعوديين وخليجيين ويمانيين وعراقيين.. رغم أن هؤلاء كانوا يترددون على الكويت حيث تقيم المؤلفة.. وقد نجد لها العذر في عدم اتصالها بهؤلاء لظروف مختلفة من الطرفين..
محمد الجلواح - شاعر وكاتب سعودي، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمدير الإداري - لأحساء
maljelwah@gmail.com