غَنَّتْ بِغُرَّتِها ذُرَى الأَقْلامِ
وتَراقَصَتْ طَرَبًا بِكَأْسِ أُوَامِي
هِيَ لَوْ تَرُوْمُ: كَأَنْ تُدِيْرُ بِعِطْرِها
شُهُبَ النُّجُوْمِ، لَدُرْنَ عِطْرَ مَرَامِ
رَقَّتْ، وجَلَّتْ، واسْتَطَارَ أُوَارُها؛
فَهِيَ النَّمِيْرُ وثَوْرَةُ الأَنْغَامِ!
قالَتْ: عَرِقْتُ بِمِسْكِ أَمْسِكَ في دَمِيْ
وشَرِبْتُ مِنْكَ قَصَائِدِيْ بِقَوامِي
إِنِّيْ الوُقُوْفُ الحُرُّ في بابِ الشَّذَى
أُلْقِيْ مَفاتِيْحَ الرُّؤَى لِغَمَامِي
أَرْنُوْ بِنَاهِدَةِ الهَوَى فَتَضُمُّنِي
أَضْوَاءُ مُقْمِرِها بِفَجْرِ هُيَامِ
وأَنَامُ في بَالِ الحَرِيْرِ فيَشْتَهِي
صَحْوِيْ الحَرِيْرُ، فأَيْنَ مِنْهُ مَنَامِي؟
كَعْبِيْ كَمِثْلِ النَّايِ في شَفَةِ الثَّرَى
أَنَّى مَشَيْتُ يَضِجُّ فِيْهِ مَقَامِي
مُتَوَثِّبٌ مَائِيْ على الماءِ انْطَوَى
كُلُّ الوُجُوْدِ بِخُطْوَتِيْ ومُقَامِي
مِنْ عَيْنِيَ الأَشْجَارُ تَنْبُتُ واللُّغَى
كَمْ بَرْعَمَتْ بالكُحْلِ مِنْ إِلهَامِي!
يا نَادِلَ الأَشْوَاقِ، مَخْدَعُنا ارْتَوَى
مِنْ كَرْمَةِ الشَّفَتَيْنِ .. نَهْرَ ضِرَامِ
هَبَّ الضَّبابُ بِكُلِّ غُصْنٍ مُشْرِعًا
رِئَةَ الرَّبِيْعِ بِغُلْمَةِ الأَكْمَامِ
وحَلِيْبُ غَانِيَةِ الخُلُوْدِ يَرُوْضُ في
شَفَةِ الرَّضِيْعِ بَرَاءَةَ الآرَامِ
مُهْرِيْ يُثِيْرُ الأرضَ مِنْ أَقطَارِها
لِيَبُوْءَ فِيَّ بِثَغْرِيَ المُتَرامِيْ
شَعْرِيْ كَصَدْرِيْ آيَةٌ كَوْنِيَّةٌ
جِبْرِيْلُ نَاءَ بِوَحْيِها المُتَهَامِي
ذَهَبِيَّةُ التِّيْجَانِ في رَأْدِ الضُّحَى
ومَساؤُها (دَجْنُ ابْنِ أُمِّ ظَلامِ)
وإذا- على كَفِّ النَّهارِ- هَمَتْ يَدِي،
شَرِقَتْ بِطِيْبِ أَنامِلِيْ وسَلامِي!
لا تَلْبَسَنَّ قِنَاعَ حُبِّيْ ؛ إِنَّنِي
في الحُبِّ أَهْتِكُ عِفَّةَ الأَصْنَامِ
الحُبُّ فِقْهٌ ، ليسَ يَفْقَهَهُ الذي
عَبَدَ القَبِيْلَةَ، وازْدَرَى (ابْنَ حِزَامِ)
مَنْ لا يَرَى بِذُرَى الأُنُوْثَةِ غَيْرَ ما
رَأَتِ الذُّكُوْرَةُ في ثَرَى الأَنْعَامِ
مُتَزَنِّرًا بِفُحُوْلَةٍ حَيَوانَةٍ
عَقُمَتْ بِها بَشَرِيَّةُ الأَرْحَامِ
يَطَأُ النِّساءَ جَوارِيًا وضَوارِيًا
ويَطَأْنَهُ بِزَرائِبِ الآطَامِ
بِئْسَ الرُّجُوْلَةُ لا تَرَى فيها خَلَا
بَيْضَ «الرُّؤُوْلَةِ» تَحْتَ فَحْلِ نَعَامِ!
في شَاطِئِ الرَّمْلِ المُلَبَّدِ، يا فَتَى،
في مُقْلَتَيْكَ ، مَراكِبِيْ وخِيامِي
أَنا بِنْتُ عَيْنِ الشَّمْسِ، أُبْحِرُ- إِنْ تَشَأْ،
وإذا أَبَيْتَ - مَوَانِئِيْ أَحلامِي
أَدْرِيْ بِأَنَّكَ مِنْ ضَحَايَا أُمَّةٍ
مَضْرُوْبَةٍ بِصَحَائِحِ الأَسقَامِ
وبِأَنَّ أُمَّكَ أَنْتَ عَاشَتْ نَخْلَةً
مَوْءُوْدَةً مِنْ سَيِّدِ الأَقْزَامِ
وبِأَنَّ أُخْتَكَ في الصَّغَارِ تَسَامَأَتْ
فجُعِلْتَ دُوْنَ سَمائِها كالحَامِي
و«الأُمُّ مَدْرَسَةٌ» ، إذا أَفْسَدَتْها،
أَفْسَدَتْ أُمَّ الشَّعْبِ والحُكَّامِ
فتَرَى الفَسَادَ مُبَرْقَعًا بِعُرُوْبَةٍ
ومُبَهْرَجًا في «مِشْلَحِ» الإِسلامِ
أُلْعُوْبَةٌ، مَنْ شَاءَ عَرَّبَ أَعْجَمًا،
وإذا يَشَاءُ، يُؤَسْلِمُ (ابْنَ خُذَامِ)!
لَنْ يُفْلِحَ العَرَبُ، المَدارِسُ فِيْهِمُ
دَرَسَتْ مَعَارِفَها عُصُوْرُ رَغَامِ
لَنْ يُفْلِحَ العَرَبُ، المَدارِسُ فِيْهِمُ
خِرِّيجُها ذِئْبٌ وضَبْعُ رِجَامِ
لا يُنْتِجُوْنَ سِوَى الفَنَاءِ صِنَاعَةً
مَلَؤُوا العَواصِمَ بِالفَرَاغِ الدَّامِي
مُتَصَعْلِكِيْنَ تَأَبَّطُوا بِشُرُوْرِهِمْ
مُذْ كانَ أَوَّلُهُمْ فَتَى الإِجْرَامِ
لَنْ يُفْلِحُوا، أَبَدًا، وقد خَتَنُوا النُّهَى
وخَصَوا لِسَانَ كَرَائِمٍ بِكِرَامِ!
لا، لم أَعُدْ تِلْكَ التي جَمْرُ الغَضَى
في أَخْمَصَيْها الثَّلْجُ لِلأَقْ دَامِ
تَسْرِيْ لِمَرْضاةِ المُحِبِّ، وإِنْ طَغَى،
وتَخُوْضُ في لُجَجِ الدُّمَى بِلِجَامِ
أَنَا حُرَّةٌ ، رَأْسِيْ بِرَأْسِكَ ، عِزَّةً،
وطَمَاحَةً ، وجَسَارَةً ، وتَسَامِي
أُعْطِيْ كما تُعْطِيْ السَّماءُ نَعِيْمَها
وهَزِيْمَها ، بِصَواعِقِيْ ورِهَامِي
ولِيَ الإِرادةُ في المَواسِمِ كُلِّها
كَسِجَارَتِي بَيْنَ البَنَانِ غَرَامِي
فأُعَنْقِدُ الإِغْوَاءَ، إِمَّا أَشْتَهِي،
وأَكُفُّ كَفَّ مَسَرَّتِيْ لِغُلامِي
لا تَنْتَظِرْ سُرِّيَّةً ، في جِلْدِها
تَضْحَى وتَخْصَرُ، واستَفِقْ لِكَلامِي!
زَمَنِيْ تَغَيَّرَ واقِعًا ومَواقِعًا،
أَ تُرَى ستَبْقَى كالجِدَارِ أَمَامِي؟!
صَبَّحْتُ وَجْهَكِ بِالأُنُوْثَةِ، تَجْتَلِي
صَرْحَ الجَمالِ مَعَ الجَلالِ يَمَامِي
ماذا تَقُوْلُ ، وقَدْ أَتَتْكَ بِغَضِّها
وغَضِيْضِها، كالشَّمْسِ غِبَّ قَتَامِ؟
سَمَكُ اللُّدُوْنَةِ في حُرُوْفِ سَمائِها
وبِشُرْفَتَيْها هَمْزَةُ اِسْتِفْهَامِ
تَدْعُوْكَ لِلإِبْحَارِ في شَفَقِ الهَوَى
كَيْ تُبْحِرَ الأَحْلامُ بِالأَحْلامِ!
سأَقُوْلُ : طِيْرِيْ يا سَفِيْنُ إلى التي
تَهَبُ القَوافِيَ نَبْضَها بِعِظَامِي
وأَقُوْلُ : دُوْنَكِ ضَارِيَاتٍ ، طالَما
افْتَرَسَتْ بِيَ الأَخْوَالَ بِالأَعمامِ
قُزَحٌ يُغَنِّي في هُطُوْلِكِ قَوْسَهُ؛
لِيَعُلَّ هَتَّانَ الحَيَا بِحِمامِي:
هاتِيْ لِسَانَكِ، كَيْ أَنَامَ بِجَفْنِهِ،
وأَدُوْخَ فِيْكِ بِيَقْظَتِيْ ومَنَامِي!
- الباحة
p.alfaify@gmail.com
http://khayma.com/faify