في مناسبة افتتاح معرض بيروت الدولي للكتاب 27-11-2015 في دورته الـ59 جاء ملحق كلمات الذي تصدره جريدة الأخبار اللبنانية كل جمعة محملاً بكثير من المواد المهمة عن تاريخ معرض بيروت ودور النشر العربية، واتخذ عنوان: «الكتاب في زمن الإرهاب».
وفي بعض مواضيع الملحق هناك انتقاد يتناول الجناح الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام السعودية، من ذلك ما كتبته مريم عبدالله في مقالة بعنوان: «بين ضيوف المعرض.. السعودية راجمة الشعراء»؛ إذ ذكرت أن الجناح السعودي جناح وُجد لتكريس الطابع الديني، وأنه جناح مملوء بصور. وانتقدت الجناح بمساحته الكبيرة التي تخلو من المضمون الثقافي.
وبما أن الجناح رسمي فلا غرابة أن يكون هذا طابعه، إلا أن المستغرب على كاتبة المقالة تعميمها أن السعودية والكتب طرفان متحاربان؟؟ وكأنها تجاهلت أن أكثر زوار المعارض ومقتني الكتب في الوطن العربي من السعوديين بشهادة الناشرين اللبنانيين وغيرهم.
وفي موضع آخر من مقالتها كتبت مريم عبدالله: لا كتب ولا مثقفين ولا زوار. إذ تلمح إلى أن الجناح السعودي الذي يشارك عادة في معرض بيروت الدولي للكتاب خاوٍ من التظاهرة الثقافية الحقة التي تتضمن حضور المثقفين في ندوات والكتاب إلى جانب كتبهم، وهو ما يجلب بدوره الزوار. وأنا هاهنا لن أدافع عن الجناح السعودي، ولكنها ليست المرة الأولى التي يوجَّه انتقاد من هذا النوع؛ ولذلك فالمفترض إزاء ملاحظات ناقدة من هذا النوع أن تعيد وزارة الثقافة والإعلام تخطيط ورسم آلية مغايرة لجناحها الذي تشارك به في المعارض الدولية للكتب بحيث يستوعب في جزء منه إصدارات الأدباء والمفكرين السعوديين؛ ليشتمل إلى جانب الطابع الحكومي والديني طابعاً فكرياً ثقافياً أدبياً، يكون معبراً عن الفكر السعودي ونتاجه الثقافي المعاصر.
فما المانع من أن يتضمن الجناح ركناً خاصاً بإصدارات بعض المؤلفين السعوديين بحيث يدعم المؤلف السعودي حتى وإن لم تطبع له دار نشر سعودية.
هذه رسالة أتوجه بها إلى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، وأرجو أن ينظر إليها بعين الاعتبار. فالواقع الحالي يحتم علينا استغلال القنوات الثقافية والفكرية كافة للتعريف بقيمنا الثقافية والفكرية في صورتها الجديدة، وتصحيح كثير من التصورات السلبية التي تحاول بعض قنوات الإعلام تشويه توجهاتنا المعرفية الفكرية من خلالها. فلم يعد السكوت عن ذلك الهجوم أو قطيعته هو الوسيلة المثالية للرد بل لا بد من مواجهته بأدوات صحية ومعارف وحقائق لها ثوابتها على أرض الواقع. ولا أعتقد أن الترويج للنتاج الفكري والأدبي والثقافي للعقول السعودية ببعيد عن اهتمامات وتطلعات الجناح السعودي الذي يشارك غالباً في المعارض الدولية العربية والعالمية.
وما الذي يمنع من تكثيف الأنشطة الثقافية التي تتناول ندوات مهمة، تشارك فيها كوكبة من المثقفين السعوديين وغير السعوديين، برعاية الجناح السعودي، بالرغم من أنني حضرت ندوات أكثر من مرة، كانت برعاية الوزارة في الخارج، إلا أنها كانت ندوات ضعيفة المحتوى، والملاحظ عليها تكرار الأسماء المشاركة من جيل مخضرم، أكل عليه الدهر وشرب، ولم أحضر أو أقرأ عن مشاركة كوكبة شابة من المثقفات والمثقفين السعوديين الجدد الذين ينقلون رسائلهم بوعيهم المستقبلي إلى غيرهم في عالم معاصر سريع التحولات. فالأجيال الثقافية الشابة في حاجة إلى إتاحة الفرص الجديدة للتعبير عن ذواتهم من خلال تظاهرة عالمية عربية؛ فهم متسلحون بالمعرفة والعلم والثقة والوعي، فما الذي يمنع من تمثيل الوطن من خلال جناحه.
أرجو من وزير الثقافة الذي هو من جيل الشباب ذاته أن يبادر بإعطاء الشباب المبدع فرصاً جوهرية لتمثيل البلاد في الجناح السعودي من خلال نتاجهم وندواتهم وآدابهم وفكرهم بشكل عام. وهي فرصة ممتازة لاحتواء هذا الوعي ومحاصرته بمسؤوليته الوطنية في التغيير والتطوير والتنمية.
هدى الدغفق - الرياض