طرح عليّ كثيرون من المعنيين بعلم الحديث واللغة كثيراً من الأسئلة عما تحويه كثيرٌ من كتب العلم والمعاجم اللغوية وكتب الآثار والتاريخ والسير.. سألوني عن بعض هذه الآثار والتي قدرتها بألفي أثر، سوف أفرد لها جزءين كاملين - إن شاء الله تعالى - من المعجم باسم (معجم موازين اللغة).
وسوف أورد الآن مستعيناً بالله بعض الآثار التي وردت كثيراً في كتب العلم واللغة وسواهما، خاصة ما يلقيه أو يكتبه بعض كبار الأدباء والمثقفين والعلماء. وقد رأيت كثيراً من كتّاب الزوايا يكتبونها. وهذا مني على سبيل التنبيه والتذكار؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار». ولست أظن أحداً من أهل الملة المسلمة يتعمد الكذب، لكن قد يقع من باب العجلة، أو قد يقع من باب عدم المعرفة، أو قد يقع من باب الاجتهاد الذي ليس هو باجتهاد.. وهذا كله يؤدي إلى تراخي العلم، وتراخي الثقافة، وتراخي اللغة بسبب تراخي الاستشهادات التي لا أصل لها، ولا صحة لها.
وسوف أبيّن هنا بعضاً من هذه الآثار، مع أنني كثيراً ما ذكرتها، لكن تكرار الإيراد يرسخ في النفس المعرفة والفهم من أجل الوقوف على الصحيح والضعيف. فعلى سبيل المثال:
1 - (اطلبوا العلم ولو في الصين).
2 - (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد).
3 - (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة).
4 - (أدَّبني ربي فأحسن تأديبي).
5 - (كما تكونوا يولَّى عليكم).
6 - (اتق شر من أحسنت إليه).
7 - (ليس كل بيضاء شحمة).
8 - (إياكم وخضراء الدمن).
9 - (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وفي رواية (صالح الأخلاق)، وكلاهما لا يصح.
10 - (أنا مدينة العلم وعلي بابها).
11 - (سلمان منا آل البيت).
12 - (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد).
13 - (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليس له صلاة).
14 - (الطواف حول البيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام).
15 - (الأقربون أولى بالمعروف).
16 - (النظافة من الإيمان).
17 - (اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان).
18 - (خذوا شطر دينكم من هذه الحميراء).
19 - (إذا بعثتم إليّ رسولاً فابعثوه حسن الاسم حسن الوجه).
وكذلك ما ورد في تفضيل بعض الترب على بعض، وكذلك ما ورد في الحمقى والمجانين.
وإلى جانب هذا أذكر لعامة العلماء والمثقفين والباحثين كتباً ليست منسوبة إلى من نسبت إليه، من ذلك:
1 - (أخبار الحمقى والمغفلين) فإنه ليس لابن الجوزي.
2 - (كتاب العشق) فإنه ليس لابن القيم الجوزية.
3 - كذلك كتاب (الإمامة والسياسة) فإنه ليس لابن قتيبة.
وهناك كتب زخرت بهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة، أذكر منها ما يأتي:
1 - كتاب الأغاني
2 - إحياء علوم الدين
3 - العقد الفريد
4 - أخبار مكة
5 - مروج الذهب
6 - البيان والتبيين
7 - مقاتل الطالبيين
من أجل ذلك إنما هذا تنبيه تحريري لئلا يقع بعض العلماء والمثقفين والمحققين في مثل الذي يقع عند غيرهم مما يجب لومهم.
وقد كنت بينت في كثير من المناسبات العلمية والحديثية وأذيع هذا كثيراً، لكن المشكلة هو تكرار إيراد مثل هذه الآثار والاستشهاد بمثل هذه الكتب. ومن المعلوم من الدين بالضرورة ومن المعلوم بالعقل السليم بالضرورة أنه لا يصح إلا الصحيح، لكن حينما يقع عالمٌ ما أو مثقف ما أو كاتبٌ ما فيما يقع فيه غيرهم فإن الواجب هنا استشارة ذوي الاختصاص الدقيق؛ لأن ما يكتب ويدون يبقى في التاريخ؛ فيكون لك أو عليك. والله أعلم.
- الرياض