لم يتشكّل هذا الإمضاء بحروفه العربية؛ إلا بعد عشرين عاما من تاريخ ولادة صاحبه الذي عاش حياة قاسية في بداية حياته، رأى فيها صور البؤس والفقر المدقع؛ ليوثّقها -في وقت لاحق من حياته - بوضوح فائق الجودة «FULL -HD» في عمله الروائي: الخبز الحافي.
في أول إمضائه ميم اصطبغت بلون المعاناة كما هي في أول حياته إذ هاجر من الريف إلى طنجة وعانى من التشرد والقسوة من أبيه، وفي أسفل إمضائه خط ممتد تجاوز خط (التقليدية) في كتابة السيرة؛ لتصبح سيرته مقياساً للصراحة والوضوح في الرواية العربية.
شكري يدرك جيداً أهمية عمله الروائي من الناحيتين التاريخية والاجتماعية إذ يقول: «تاريخ الشعب وتحولاته الاجتماعية فلا يكتبه سوى الأدباء والفنانين إن هم لم يتخاذلوا أو تغرهم الرسميات بمناصبهم العليا»، ويدعونا في موضع آخر إلى أن نقول كلمتنا ونمضي: «قل كلمتك قبل أن تموت فإنها ستعرف، حتماً، طريقها. لا يهمّ ما ستؤول إليه. الأهمّ هو أن تشعل عاطفة أو حزنا أو نزوة غافية... أن تُشعل لهيبا في المناطق اليباب الموات».
إمضاء محمد شكري: مقياس صراحة على ورقة الرواية العربية!
حمد الدريهم - الدلم