الثقافية - خلود العيدان:
معجم الأصول الفصيحة للأمثال الدارجة، معجم يقع في ثمانية مجلدات، نشرته مكتبة الملك عبد العزيز العامة، ويُعَد ثالث إصدار تنشره لمعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي، وبه أتم الشيخ أضلاع مثلث بدأ برسمه عبر (معجم الكلمات الدخيلة في لغتنا الدارجة) و ( معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة).
معجم يضاف إلى قائمة طويلة وثرية من جهود الشيخ الأديب والمؤلف والرحالة .. رجل العربية، التاريخ والأنساب، الجغرافيا والأدب وغيرها من العلوم، غزير الإنتاج واسع المعرفة والذي أثرت إسهاماته المكتبة العربية وزوّدتها بمئات الكتب ذات الموضوعات المتنوعة والمحتوى المميز، فهو علم مضيء كما وصفه الدكتور عبد العزيز الخويطر - رحمه الله - عندما كتب عنه تزامناً مع تكريمه: «العبودي علم مضيء عند المثقفين، لما ساهم به من جهد ثقافي، ولما وضعه على الساحة الفكرية من موائد ملأى بغذاء مفيد وشهي، وبما شارك، من جهد لنقش اسم المملكة العربية السعودية على خارطة الإنجاز في الثقافة والتراث والجغرافيا، وجوانب من اللغة العربية في مكتبتنا العربية» ومن الصعب أن نجد مقالة أو مادة كتبت عن الشيخ إلاّ وأشارت إلى قوة ذاكرته - حفظه الله -، وممن كتب عنها الأستاذ محمد القشعمي حيث قال «من المؤكد أنّ حب الاطلاع والشغف بالمعرفة منذ الصغر، كان له دور أساسي في إثراء ثقافة والدي وتنوع اطلاعه، إلى جانب ما حباه الله به من قوة في الذاكرة وقدرة عالية على الاستيعاب، ساعد عليها جلده على التدوين، فقد كان يدوّن كل ما يمر به في مذكراته اليومية من قبل أن نولد». وقال عنه د. الدكتور فهد الرشودي «الشيخ وفقه الله راوية للتاريخ المعاصر يحفظ الوقائع والأحداث ويروي عن ثقات كما أنه يحفظ الأُسر التي استوطنت بلدان القصيم وتاريخها، ويذكر غالباً أول من استوطن من تلك الأُسر لتلك البلدان، وهو حريص على توثيق ذلك من خلال الوثائق وأفواه الرجال الثقات».
ولا نستطيع رسم ملامح سريعة عن مسيرة عطاء الشيخ، دون ذكر مجلسه الأسبوعي الذي قال عنه الدكتور إبراهيم التركي «يشعر مرتادو مجلس الشيخ بالحميمية حيث يحتفي بقادمهم ويتفقد غائبهم، ويحتفي بأسئلتهم وتعقيباتهم، ويجيد الإصغاء إليهم، مع أنه أعلم منهم بما يعلقون عليه أو يبتدئون الحديث فيه ممتعًا بأخلاق العلماء الكبار»، مجلس الشيخ اتخذ الاثنين موعداً ليجيب - حفظه الله - على استفهامات الحضور ويفصل ويشرح في مختلف المجالات التي يبرع فيها.
«الثقافية» تبارك لمتابعي الشيخ ومحبيه بمناسبة إصداره الجديد، وتختم بما قاله الدكتور حسن الهويمل عنه: «استثمر كل لحظة من حياته، تعلماً وقراءةً وكتابةً.. ويأتي ( أدب الرحلة) في مقدمة إنجازاته التأليفية كثرةً، واتساعاً، واشتهاراً.. إذ عرف (العقاد) مفكراً وهو شاعر، فقد عرف (العبودي) رحالة، وهو العالم المتعدد الاهتمامات والقدرات والمؤلفات. ذلك أنّ عمله الرسمي تعانق مع اهتمامه بالرحلة وآدابها».