جاء مشروع الإخوان مع مكونات جيش الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. وتشكلت قوة تركيبة الإخوان بقوة ضمن خلايا الجيش السعودي. وكانت لهم القوة والنفوذ والتأثير. نعم لقد ولدت مؤسسة الإخوان أو ما يسمى الغطغط. وهم المحاربون القدماء مع الملك المؤسس، متنوعة الأغراض، ونهضت لخدمة أيديولوجيا دينية وسياسية تعتمد كليا على تكريس وتأسيس فكرة:
1: الدعوة والتبليغ. 2: الجهاد.
وعمل منظرو ومفكرو تلك الأيديولوجيا الإخوانية، على تكريس وترسيخ وعي الجهاد والدعوة. والتبليغ. لفرض جدلية الحرب وجعلها واقعا غير قابل للتجزئة يفرض بقوة جيش ابن سعود في الجزيرة العربية. بنوا تلك الأيديولوجية على:
أ: التمرد على كل شيء.
ب: الثورة ضد كلِّ من يقف أمامهم أو ضدهم أو يختلف معهم..
ج: الشدة والحدة والغلاظة لتحقيق وتنفيذ تلك الأيديولوجية.
د: التعصب الديني، الذي أصبح كأنه فيروس وبقيت هذه الأيديولوجيا أسيرة ذلك التعصب. ولم يفرقوا بين أنْ تختلف مع غيرك أو تختلف معه. فالاختلاف عندهم واحد. وخطأهم هو إطلاقهم لما يتبنوه، ويغفلون بقصد أن الإطلاق مستحيل.
بعد إرساء هذه الأسس السياسية. انطلق الإخوان لإعادة بناء جيشهم وأفكاره، وفق تلك المقاسات، التمرد، والشدة، والحدة والتعصب. هذه السمات التي نراها في الإخوان، تنبع -كما قلنا- من ظروف واقعية، ونحن نرى وبشهادة التاريخ كم كانت أعمالهم غليظة ومرفوضة وتتسم بالغلو. إنها أعمال تستلفت الأنظار لكنها تنفذ بطرق خادعة وكاذبة، وصلت إلى نتائج نعاني منها اليوم. إنها القوى التي أصابت فكر المجتمع بالجمود والركود باسم الدين. واستقر في حركة الإخوان فكرة العودة إلى جعل الجهاد هو مركز القوة لتصحيح الأوضاع في الجزيرة العربية. عبر الاعتماد الكلي على أبعاد:
1: العشيرة. 2: القبلية.
وأنْ يتحدد ذلك في الالتزام بالنضال الهادف إلى بناء المجتمع الإسلامي التقليدي أو السلفي كما يدعون. ولم يكن يرافق تفكيرهم ذلك الدعوة إلى تأسيس أسس نهضوية متحررة من كل أسباب التأخر والضعف. أي أنهم عملوا على تأسيس الرجعية. وبكل آلياتها المختلفة. نعم نام الكثير تحت لحاف. الرجعية، والمخدة محشوة بريش التخلف. وجعلوا إستراتيجيتهم تعتمد على مرافقة الملك المؤسس في كل حروبه لبناء دولة التوحيد. فكان عملهم العسكري أو الحربي إلى جانب المشاركة في الحروب هي: المراقبة والانتظار إلى أن يفهموا على وجه الدقة مستقبل الملك عبدالعزيز عبر معرفة النتائج اللاحقة لمشواره لتأسيس الدولة العصرية.
وترسم لنا حروب جيش الملك عبدالعزيز المؤلف مكوناته من خليط من رجال آل سعود والقبائل في نجد والقصيم وغيرها مشهداً تختلط فيه الأفكار الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، فتجد فيهم الإخواني. أو الجهادي. أو رجالاً متنورين يسعون لتأسيس مستويات متقدمة لقيام دولة ذات هياكل. ولكن الذي فاق في تلك التركيبة هي شراسة الإخوان.. فلم يتحاشَ كونهم دارسي للعقيدة الإسلامية وخاصة الفكر الجهادي والمرافق له الحماسة الفياضة وقتل كل من يختلف معهم دون مخافة من الله. حتى ولو كان من جلدتهم ولم يقتصروا على من يختلف معهم فقط بل تجاوزه إلى التعصب بحجة الدين فقتلوا من قتلوا وطغوا وتجبروا، وأخذوا يحاربون من اختلف معهم ويعتبرونه مشركا. ولكن تلك الحماسة الفياضة في الإخوان هي أيضا رغبة أكيدة في الاحتفاء بالحياة وكل معطياتها، يكون ذلك الاحتفاء خاصا بهم دون غيرهم من الشعب.
نرى أن كلَّ تلك السمات والخصائص خطأ وانحراف في منهج الإخوان ونشجبها جميعاً، ولقد قمت شخصياً وقبل أن يقوم الجميع بمحاربة التطرف الديني. الذي أوجده الإخوان، فعلت ذلك قبل أي قضية أخرى، وفضحت جمود وغلو وتطرف الفكر الإخواني. وبخاصة في إطار الإنتاج الفكري والاستهلاك المجتمعي. وقلت -يومها- إننا أصبحنا أسرى تطرف ديني. إسلامي جديد. لم تعهده كل العصور الإسلامية. لأنّ أولئك الإخوان. بلغوا السيادة والسيطرة الدينية والمعنوية والفكرية وغيرها. لقد اختاروا خصائص لطغيانهم على أساس ملامح مجتمعنا وتاريخنا وأحوالنا الإسلامية المختلفة. إن ظهور الإخوان بطغيانهم الديني كان تماماً مثل أشجار جاهزة خُلعت من أرض قاحلة جرداء غليظة التراب وغرست في أرض ذات مناخ خاص، رفضت تلك الأشجار، رغم تعهد البعض الكثير برعاية تلك الأشجار. تلك الأشجار نمت معها بعض الآفات. الزراعية فنمت الأشجار بآفاتها.