دخلت حنين إلى تويتر ودخلت معها أنوار من الكلمات تتصاعد من تغريداتها، وكانت ترسل لي التغريدة بعد التغريدة، وأحس بخجل عظيم ينتابني أمام لغتها النورانية، وأستحي من كل بلاغاتي التي تعلمتها مدى حياتي وكيف تعجز أن تجاري ذاك البهاء... ولذا كانت الدموع تنوب عن لغتي... ولكن حنين لن ترى دموعي وهي هناك في نيويورك تدرس الطب وتتنقل بين أسرة المرضى، ثم تطل علينا في تويتر في لحظات راحتها وتنشر نورها وطهرها ثم تغيب..
مرة غابت لبعض أسابيع فأرسلت لها على الخاص وسألتها عن نفسها فردت علي مباشرة ووصفت لي انشغالها بالامتحانات ومتابعتها لمرضاها... فشكرتها إذ جعلتني أطمئن....
ولكن غيابا آخر تكرر وطال... وانتظرت ولا فرج... ثم طرقت حسابها على الخاص وأرسلت رسالة وأخرى... ولا جواب.
داهمني القلق وصار يتضاعف يوما بعد يوم... وأنا في حيرة من أمري...
كيف للأنوار أن تتحجب وكيف للبهاء أن يصمت.... وتظل حنين السديري لا ترد، وأظل أنا في قلق يتصاعد... وأنتظر النور الذي تعودته وتعاهدت نفسي معي عليه.
حتى جاء يوم...
يوم أطلت فيه على حسابي صبا السديري، فأحسست أن خيطا من النور قد يربطني مرة أخرى بصلة مع حنين فسألت صبا: هل لديك خبر عن حنين السديري... هل تعرفينها... أنا قلق عليها.... إن كان لديك أي صلة معها فأرجوك قولي لي.
وجاء الجواب: هي ابنة خالي وقد توفيت في رمضان وهي صائمة، وبعد أن فرغت من أداء العمرة.
جاء الخبر.....
بعد شهور جاء الخبر... وهنا لم تعد نفسي كما هو عهدي بها... فأنا رجل سريع الدمعة ولي سابق دموع مع حنين..... ولكني هذه المرة وقفت بلا دمعة وكأني تلقيت بشارة وليس خبرا حزينا...
غمرتني سكينة غطت على كل شيء في نفسي وأحسست أن النور يحيط بي.... وكأن حنين ترسل نورا من عندها يدخل في قلبي وينظم نبضاته ويتسلل لعيني ويمسح الدمعة قبل أن تتحرك...
هي حنين السديري، ذاك البهاء الروحاني والنفس النورانية... عرفتها من تويتر وعرفت خبر صعودها من تويتر...
تلك روح صافية خصها ربها بهدية خاصة ونقلها للمكان الذي تستحقه في ضيافة الرحمن.... وصعدت لبارئها خيطا من نور وقبسا من بركة وفيضا من طهارة... منحتني بعضا منه وهي تراسلني من نيويورك ثم جادت علي بمزيد وأنا أسمع بشارة صعودها، صعود النفس المطمئنة راضية مرضية من بارئها الذي اختار لها المكان الأليق بها...
ورحلت حنين السديري وبقي حسابها في تويتر صامتا ولكنه يسبح بحمد الرحمن وإن كنا لا نفقه تسبيحهم...
ويظل نورك يا حنين يصل إلي ويعمر خاطري،
عمر الله روضتك بنوره ورضوانه ومحبته، أيتها الغالية.