قدّم الناقد الدكتور سعيد مصلح السريحي، خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي البارحة ورقة نقدية بعنوان (مخاتلة العقل للمعرفة)، قال فيها يحظى منا بالإعجاب من يلتقط شبها بيننا وبين قريب لنا لم يره من قبل فيعرف من خلال ذلك الشبه أن من رآه أخا أو ابنا أو بيننا وبينه عرق، ولربما أسبغنا على ذلك الشخص صفة الفراسة التي توشك أن تكون واحدة من قوى العقل الخفية التي لا يحظى بها غير من نعتقد فيهم الذكاء والفطنة، وحين يمعن ذلك الشخص في تحديد وجه الشبه الذي قاده لاكتشاف صفة القرابة تلك سواء كانت متصلة بالعينين أو بالأنف أو صفات عامة تتمثل فيما نوجزه حين نقول «الدم واحد» عجزاً منا عن تحديد مواطن التشابه التي قادتنا لمعرفة تلك الصفة، حين يحدد ذلك الشخص التشابه الذي قاده للمعرفة نعترف أنه رأى ما لم نكن نرى فنزداد ثقة بما ذهبنا إليه من تمتعه بالذكاء والفطنة.
وقال السريحي يصبح بإمكاننا أن نكتشف آلية عمل العقل القائمة على رصد وجه التشابه بين ما أصبح جزءا من مخزوناته وما يمكن أن يستجد على ذلك المخزون من معارف جديدة، عمل العقل حين لا يرى فيما يستجد عليه غير ما سبق أن رآه من قبل، وهي رؤية تقوم على تغييب التفاصيل الأخرى المكونة للاختلاف والمميزة للعوالم من حوله والتقاط أوجه التشابه، وهي الأوجه التي لا تلبث أن تغيب حين توفر لنا معايشة أي معلم جديد فرصة التعرف على تفاصيله ومعرفة ما يتميز به على ما يبدو مشابها له.