أكد الشاعر والكاتب محمد زايد الألمعي أنه ما لم تخصخص النشاطات الثقافيّة وتكون إقامتها ذات مردود مادي ومعنويّ محفّز لمنتجي المعرفة والإبداع، فإن الزمن الذي تجاوزنا من قبل سيستمر في وضعنا في آخر قائمة من يلتفت إليهم العالم على هذا المستوى، ولو نظرنا إلى الثقافة بالعين التي نظرنا بها إلى الإعلام لأصبحنا نمتلك وندعم الحراك الثقافي في كل مكان كما أصبح لدينا وسائل إعلام حديثة صنعها رأس المال العربي السعودي, وأصبحت تنافس بأعلى معايير المهنيّة, ذلك أنّها جمعت بين المهنيّة ورأس المال, فالثقافة تحتاج إلى مثل هذه النقلة، ومؤسسات المجتمع المدني التي تشتغل بهذا الجانب في كلّ مكان تستطيع استيعاب الدعم الواعي المتسامح وغير المشروط، بدلاً من هجائنا المستمر وحساسيتنا من الدعم الأجنبي ومؤسسات الثقافة الأجنبيّة المخترقة لكثير من البلدان العربيّة وإن كنت لا أدين كلّ أجنداتهم بالإجمال ولا أرفضها بالمطلق.
مشيراً إلى أن العمل الثقافي الذي يتم تصميمه كواجهة للصورة المعرفيّة والإبداعيّة لبلد ما هو عمل يستدعي درجة عالية من الاحتراف في النقل والتمثّل والتأطير، ويحتاج إلماما عالياً وشموليّة في الرؤية، وفي زمن نتحدّث فيه عن اقتصاديات المعرفة، وتسليع الإبداع، وفتح القنوات التكامليّة بين رأس المال في شكله السلعي ورأس المال الرمزي في مضمونه القيمي، في هذا الزمن لابد أن نخضع منتجاتنا لأدوات مختلفة عمّا عهدناه في السابق، فنحن لا نقوم بالدعاية بقدر ما نسوّق لمضمون معرفي وإبداعي يشكّل قيمة مضافة للناتج الوطني، وعلى هذا فالأجهزة البيروقراطيّة التي تعوّدت الدولة على ضخ كوادرها لأداء هذه المهمات لم تعد ذات جدوى في التصدي والمنافسة أمام السوق الذي يديره المحترفون ووسائل الاتصال ما بعد الحداثيّة، فإذا لم نسند مثل هذه الخطط إلى المحترفين فلا جدوى من تنظيم احتفاليات ليست إلاّ امتداداً ساذجاً للمنبر المدرسي وخطابات الإذاعة الدعائيّة.
وأضاف الألمعي: لقد أصبحت مؤسسات أهليّة تصنع أحداثاً ثقافيّة أعلى بكثير في معاييرها مما تقدمه مؤسسات الدولة الثقافية، بل إنّ الفراغ والضعف الذي أدرك مفاصل المؤسسات الرسمية المتصدية للثقافة جعل من الملحقيّات التعليميّة (الثقافية) التابعة لوزارة التعليم العالي، جعل منها فضاءً لأعمال ونشاطات خلاّقة تتجاوز بكثير ما تحلم به وزارة الثقافة من فعاليّات في الخارج.