فاز قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية بجائزة (كتاب العام) التي يقدمها النادي الأدبي بالرياض كل عام لأفضل كتاب سعودي بتمويل من (بنك الرياض). وقاموس الأدب والأدباء في المملكة عمل موسوعي ضخم تبنّته دارة الملك عبد العزيز ويقع في ثلاثة مجلدات ضخمة وفي طباعة أنيقة ويتضمن حوالي ألف مادة عن الأدب والأدباء في المملكة شارك في الإشراف عليه وكتابة مواده ومراجعتها ما يزيد على سبعين أستاذاً من كبار المتخصصين من السعوديين.
يقول معالي الدكتور فهد السماري، الأمين العام للدارة في تقديمه للقاموس: «إيماناً من دارة الملك عبد العزيز بأهمية الأدب والأدباء ودورهم المهم في الحركة الثقافية السعودية، وضرورة وجود قاموس شامل يسلط الضوء على الحركة الأدبية في المملكة، فقد حرصت الدارة وبتوجيه كريم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - رئيس مجلس إدارة الدارة على إصدار قاموس يعرّف بالشعراء والروائيين وكتّاب القصة القصيرة والمقالة الأدبية والباحثين والنقاد والمسرحيين وكتّاب السيرة الذاتية والمترجمين للكتب الأدبية من أبناء المملكة، ويشير إلى أبرز أعمالهم ونشاطاتهم الثقافية، وأهم مؤلفاتهم، ويسرد عدداً من المراجع المتصلة بهم.. كما يعرّف القاموس بأشهر المؤسسات الثقافية والأدبية في المملكة، وأبرز الكتب والدوريات والمجلات والجوائز والفنون الأدبية في المملكة».
في سنة 1423هـ (2002م) كتب الدكتور حمدي السكوت - الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والمشرف على إعداد «قاموس الأدب العربي الحديث» - خطاباً لدارة الملك عبد العزيز يطلب فيه المساعدة في إعداد (المواد) الخاصة بالأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي على أن تتحمّل (الدارة) تكاليف إعداد المواد، وقد رحبت الدارة بذلك؛ وذلك لأهمية المشروع، ولما فيه من تعريف بأدباء المملكة العربية السعودية، والخليج العربي، وكوّنت لجنة علمية لذلك، واقترحت اللجنة (المواد)، وكلّفت عدداً من الأدباء والنقّاد بإعدادها ومراجعتها، وبعد ذلك بعثت بها إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة لإدخالها ضمن مواد القاموس. وصدر «قاموس الأدب العربي الحديث» في طبعته الأولى عام (2007م) عن دار الشروق بالقاهرة في (640) صفحة من القطع الكبير مشتملاً على (ألف) مادة كان نصيب الأدب والأدباء السعوديين منها (88) مادة فقط.
وبعد صدور ذلك القاموس، وما لمسته الدارة من قصور شديد في التعريف بالأدباء السعوديين، جاءت فكرة إصدار قاموس جديد خاص بالأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، فأعد المستشار بدارة الملك عبد العزيز الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع دراسة استطلاعية، وتصوراً عاماً حول الموضوع انتهى إلى اقتراح إصدار هذا القاموس؛ فرحب معالي الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز بالفكرة؛ لما فيها من خدمة للأدب والأدباء في المملكة؛ وذلك عن طريق التعريف بهم في عمل موسوعي شامل، ورُفع بذلك إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة الدارة - فوجّه - حفظه الله - بالموافقة على الفكرة، وشجعها، وحثّ الدارة على إنجازها؛ إدراكّا من سموه الكريم لأهمية التعريف بالأدب والأدباء في المملكة.
وبعد ذلك شكّلت (اللجنة العلمية للإشراف على القاموس) بتاريخ 21-4-1429هـ (27-4-2008م)، وعقد الاجتماع الأول لها بتاريخ 30-5-1429هـ (3-6-2008م)، فوضعت اللجنة التصور الشامل للقاموس، وحدّدت (المواد) واختارت (الباحثين) و(المراجعين) لمواد القاموس.
الأعمال السابقة:
اجتهد الأدباء والكتّاب السعوديون في التعريف بأدباء المملكة، وسلكوا لذلك طرقاً متنوعة، فمن كتب عن أدباء بعينهم، أو أديب بعينه، إلى دراسة ظاهرة أدبية، إلى دراسة للأدب في منطقة من مناطق المملكة، إلى الموسوعات والكتب التعريفية بالأدباء؛ ولذلك فإن هذا (القاموس) لم يبدأ من فراغ، بل سبقته أعمال جليلة مهدت الطريق له، وأصبحت من أهم مراجعه.
وإذا أردنا أن نلقي نظرة على التوجهات العامة للكتابة عن أدباء المملكة فسنجد أنها سلكت مسالك متنوعة، فهناك الكتب التي تتحدث عن إقليم بعينه، ومن أقدمها كتاب أدب الحجاز لمحمد سرور الصبّان، 1344هـ (1926م)، ووحي الصحراء، ونفثات من أقلام الشباب الحجازي، 1355هـ (1937م)، وشعراء الحجاز في العصر الحديث لعبد السلام الساسي، 1370هـ (1951م)، والأدب في الخليج العربي لعبد الرحمن العبيِّد، 1377هـ (1957م)، وشعراء نجد المعاصرون لعبد الله بن إدريس، 1380هـ (1960م)، ومن أدباء الطائف المعاصرين لعلي خضران القرني، 1410هـ (1990م)، والأدباء والكتّاب في منطقة حائل لعبد الرحمن السويداء، 1427هـ (2006م)، ومعجم شعراء الأحساء المعاصرين، الذي أصدره نادي الأحساء الأدبي سنة 1431هـ (2010م)، وهناك كتب تتحدث عن فن أدبي بعينه، مثل: أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية لخالد اليوسف، 1430هـ (2009م)، وديوان الشاعرات في المملكة العربية السعودية لسارة الأزوري، 1432هـ (2011م)، وهناك القواميس والمعجمات المخصصة للتعريف بالأدباء، وأحياناً بالأدباء والكتّاب، ومن أقدمها العدد الخاص من مجلة المنهل الصادر سنة 1386هـ (1966م)، والموسوعة الأدبية لعبد السلام الساسي، 1388هـ (1968م)، ومعجم الأدباء والكتّاب، 1410هـ (1990م)، وموسوعة الأدباء والكتّاب السعوديين لأحمد بن سلم، 1420هـ (1999م).
كما أن الأدباء السعوديين لم ينالوا ما يستحقونه من مكانة في الموسوعات والمعاجم والدراسات الشاملة الأدبية على مستوى العالم العربي؛ ويرجع ذلك إلى أسباب يطول شرحها وإيضاحها.
فقد اقتصر معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين على الترجمة لـ(176) شاعراً سعودياً، وفي معجم الروائيين العرب تُرجم لـ(18) روائياً سعودياً، وكما ذكرنا سابقاً فإن قاموس الأدب العربي الحديث قد اشتمل على تراجم لـ(88) أديباً سعودياً.
مراحل العمل في القاموس:
- المرحلة الأولى: وضع الشروط والمواصفات الفنية والشكلية لكتابة المواد.
- المرحلة الثانية: وضع قائمة مداخل القاموس واعتمادها.
- المرحلة الثالثة: ترشيح المشاركين في كتابة المواد.
- المرحلة الرابعة: استكتاب المرشحين ومتابعتهم.
- المرحلة الخامسة: إحالة المواد إلى الفاحصين.
- المرحلة السادسة: صياغة المواد.
- المرحلة السابعة: ترتيب المواد وإعداد المقدمات والفهارس.
- المرحلة الثامنة: الإخراج الفني للقاموس.
- المرحلة التاسعة: طباعة النسخة الورقية.
وسيتبع ذلك مهمات جديدة، هي:
- تنفيذ النسخة الآلية وإنزالها على الشبكة.
- متابعة الإضافات والتعديلات على مواد القاموس.
- كتابة مواد جديدة لمن تنطبق عليهم الشروط، ولم يكتب عنهم في الطبعة الأولى.
- ترجمة القاموس إلى اللغة الإنجليزية.
- الإعداد للطبعة الجديدة.
وضع قائمة مداخل القاموس:
اجتهدت لجنة الإشراف على القاموس في حصر (المداخل)، واستخدمت أساليب وطرائق مختلفة لذلك، وقامت بأعمال تمهيدية كثيرة.
حيث تقدَّم كل عضو من أعضاء اللجنة بقوائم بالمداخل التي يرى ضرورة اشتمال القاموس عليها، ثم راجع أعضاء اللجنة الأعمال السابقة في هذا المجال، وأعدوا قوائم بأسماء الأدباء المترجم لهم فيها.
وبعد ذلك خاطبت اللجنة جميع الأندية الأدبية في المملكة؛ لتزويدها بقوائم بأدباء كل منطقة، كما خاطبت اللجنة الجامعات السعودية في هذا الشأن.
وبعد ذلك أُعلن عن القاموس ومنهجه في وسائل الإعلام المختلفة، ثم نظّمت ندوات نقاش عن القاموس في عدد من الأندية الأدبية، وبحضور جمهور كبير من الأدباء والمثقفين في (الرياض، وأبها (12-11-1429هـ)، والأحساء (1-1-1430هـ)، وجازان (29-1-1430هـ)، والدمام (25-6-1431هـ)، ومكة المكرمة،...).
وكان الهدف من كل ذلك هو التوصل إلى قائمة موسّعة لمداخل القاموس.
وبعد ذلك دُمجت القوائم ورتّبت وعرضت على لجنة الإشراف لاعتماد القائمة التي تنطبق عليها الشروط تمهيداً لتكليف الباحثين بكتابة المداخل.
وفي كل جلسة من جلسات اللجنة تُضاف مداخل جديدة إذا تحققت الشروط، وبعد كل تلك الاجتهادات والاحتياطات من المؤكد أن هناك من الأدباء السعوديين من سقط سهواً أو جهـلاً من مواد القاموس، وهذا أمر وارد في كل معجمات التراجم ودوائر المعارف، وحتى يمكن تلافي ذلك، وإضافة تراجم جديدة سيتم باستمرار تحديث مواد القاموس، وإضافة مواد جديدة إليه.
اختيار الباحثين المشاركين
في كتاب المواد ومراجعتها:
اعتمدت لجنة الإشراف قائمة موسعة بأسماء الباحثين والباحثات المرشحين لكتابة مواد القاموس ومراجعتها، وكلهم من السعوديين، وبعد ذلك تمّ الاتصال بهم فوافقت الأكثرية على الاشتراك في كتابة (المواد)، واعتذرت قلة منهم، وتأخرت - بعد ذلك - مجموعة عن الإنجاز في الوقت المحدد، لكنّ التجاوب كان كبيراً. وكان أساس اختيار الباحثين قائماً على خبرة أعضاء هيئة الإشراف، وعلى متابعة الإنتاج البحثي لهؤلاء، ويلاحظ على تلك المجموعة عناصر إيجابية منها: أن أغلبهم من أساتذة الجامعات الذين لهم تخصص ومتابعة ومؤلفات ودراسات في الأدب السعودي، ولم تقتصر القائمة على أساتذة الجامعات السعوديين، بل اشترك في كتابة المواد عدد كبير من الكتّاب والباحثين من خارج الجامعات؛ لأن معيار الاختيار هو القدرة والتميز.
أهم مزايا القاموس:
ويمتاز هذا القاموس على غيره من الموسوعات والمعجمات المتخصصة في الترجمة للأدباء السعوديين بشكل عام أو لفئات منهم كمعجمات الشعراء والقصاصين والروائيين بميزات نذكر منها هنا:
- إنه أول عمل جماعي يعده عدد كبير من المتخصصين السعوديين.
- إنه لا يقوم على طريقة الاستبانات التي يملؤها الأديب عن نفسه، ثم يقوم المؤلف بتفريغها وتنسيقها، بل يقوم على كتابة المادة من قبل باحث متخصص.
- إنه لا يقتصر في الترجمة على تقديم معلومات عن الأديب، بل الترجمة دراسة مركّزة عنه.
- إن الكتابة عن جميع المترجم لهم تتم وفق منهجية علمية موحّدة، وقواعد ضابطة للعمل بحيث لا تتفاوت التراجم - كثيراً - في مشتملاتها، ولا تركز في جانب دون آخر، بل تسير وفق المنهج الذي اعتمدته لجنة الإشراف.
- إن اعتماد قائمة الأدباء المترجم لهم تمّ على شروط مقننة التزمتها لجنة الإشراف بحيث لا يترجم في هذا القاموس إلاّ لمن انطبقت عليه الشروط المعتمدة.
- أُحيلت (مواد القاموس) إلى مراجعين علميين لمزيد من التوثيق والاطمئنان مع ثقتنا التامة بجميع من اختيروا لكتابة المواد.
- كُتب اسم الباحث الذي أعد المادة أو المدخل في نهاية كل مدخل من باب التوثيق وتحمل المسؤولية.
- لا يقتصر القاموس على الترجمة للشخصيات، بل يشتمل على مداخل للحديث عن الكتب المؤثرة والدوريات والمجلات الأدبية والجوائز والمؤسسات الأدبية والثقافية والفنون الأدبية؛ فهو شامل للأدب والأدباء السعوديين.
- يشتمل القاموس على تراجم لأدباء يترجم لهم أول مرة وفق المعايير التي أقرتها لجنة الإشراف، وبخاصة الأدباء الشباب، والأديبات السعودييات، وبعض من أهملت الأعمال السابقة الترجمة لهم من الكبار.
- يشتمل القاموس على تراجم لأدباء وأديبات من جميع مناطق المملكة حيث حرصت لجنة الإشراف على التعريف - بصفة خاصة - بأدباء المناطق الذين لم ينالوا ما يستحقونه من عناية في الأعمال السابقة.
ماذا بعد صدور القاموس؟
صدر القاموس واستقبلته الأوساط الثقافية والأدبية استقبالاً حسناً وأصبح مرجعاً مهماً عن الأدب والأدباء في المملكة وتمنت فئات أخرى صدور قواميس مماثلة له كقاموس المؤرخين أو الجغرافيين أو الفقهاء أو غيرهم من أصحاب الاختصاصات الأخرى. ومن رصد لتعليقات الأدباء والمثقفين بعد صدور القاموس وتمنياتهم وجدت أن هناك مجموعة من الاقتراحات تستحق المناقشة من قبل دارة الملك عبد العزيز صاحبة الفضل في صدور القاموس.
ومن تلك الاقتراحات تجديد معلومات القاموس وإضافة مواد جديدة عليه، وهذه هي طبيعة القواميس ودوائر المعارف، فالتحديث والإضافة يجب أن يكون مستمراً متنامياً. ومطلب آخر يتمثل في صدور ترجمة للقاموس باللغة الإنجليزية بعد تهذيبه وتشذيبه بما يتلاءم مع ما هو مناسب لأن يترجم إلى اللغات الأجنبية.
وسيكون صدوره باللغة الإنجليزية عاملاً قوياً في التعريف بأدبنا وأدبائنا لدى الأمم الأخرى وذلك مكسب كبير وعمل جليل يحسب لدارة الملك عبد العزيز التي أصدرت أكثر من كتاب وموسوعة باللغة الإنجليزية. ولا بد أن تحرص الدارة ومثلها وزارة الثقافة والإعلام التي اشترت كمية كبيرة من القاموس على إيصال نسخ منه إلى الجامعات والمراكز الثقافية في الداخل والخارج وأن تشارك به في المعارض المحلية والدولية.
إن الأعمال الثقافية الكبرى تحتاج إلى تخطيط دقيق ومتابعة جادة ومال وفير ولا ينتهي العمل بصدور طبعته الأولى بل يحتاج الأمر إلى متابعة وتطوير وإضافة.
وختاماً، طالب بعض الأدباء بإصدار طبعة شعبية رخيصة الثمن لكي يتمكن من يرغب شراء نسخة منه من الحصول عليه بسعر منخفض بالإضافة إلى إصدار نسخة إلكترونية من القاموس ووضع القاموس على الشبكة العالمية (الإنترنت) ليتمكن الجميع في الداخل والخارج من الرجوع إليه والاستفادة من مواده التي قاربت الألف مادة.