زرتُ مقهىً وجدت فيه مكانا
خاليا قلتُ: أين منك الرفيقُ؟
قال: يا سائلي حضنتُ صحابا
ليس فيهم من الوفاء صديقُ
من زمانٍ يأتي إليّ أناسٌ
أصدقاء وليس فيهم صدوقُ
إنما الصادقون منهم فرادى
يحتسون السكوت وهو حريقُ
أين كاساتهم يضجّ به الحزن
فيغضي من حولها الإبريقُ
سكبوا الحلم في شفاه الأواني
ومضوا في سبيلهم لم يفيقوا
حائرات أقدامهم في ذهولٍ
ليس يجدي مع الذهول الطريق
حاولوا رسم فرحة القلب حبا
في قلوب أصواتهن نعيقُ
جَنَتِ الروح زهوها في ابتهاج
غير أنّ الفؤاد - حزناً - غريقُ
كلما غنّت الأماني لحونا
عزف الشجو ألحُناً لا تروق
لم يعد في الضلوع مهبط حب
كل حبٍّ حضنته لا يطيقُ
قد رعتْهُ أناملي وهو طفلٌ
وكسته الأمان وهو رقيقُ
يمتطي صهوة الجنون طريقا
في مهاوٍ سبيلها لا يليق
سرتُ لا ينتهي بقلبي صمت
لا ولم تنطفئ بعيني بروق
غير حلمٍ ألبستُهُ حلل الحزنِ
وأوهمتُهُ بأنّ ذاك أنيق
تنتشي الروح في خضم الليالي
ليس في القلب - غير وهْمٍ - بريق
ألمس الجرح في الشغاف كئيبا
وأرى القلب هائماً لا يفيقُ