وهو الاسم الذي أراه مناسباً للتوصيات التي لا يخلو منها ملتقى، أو مؤتمر ثقافي، أو أدبي داخل المملكة مفادها ضرورة إنشاء صندوق للأدباء لدعم الحالات الطارئة اجتماعياً أو صحياً.
وهي توصيات تنطلق من نوايا حسنة إلى حد كبير فقد قضى عدد من الأدباء تحت وطأة ظروف مؤسفة، ومنهم من توقف عن العمل الثقافي والأدبي ليضمن لقمة العيش فالكتابة «لا تؤكل خبزاً»، وقد لا تؤمن حياة كريمة، في هذا الزمن على وجه الخصوص.
لكن هذه التوصيات فيها مذلة، إن صح التعبير، واستجداء وتسوّل، ومعها يدخل المثقفون والأدباء حيز الفقراء والمساكين وذوي العوز، وكان الأجدى التماس حلول عصرية ومؤسساتية تستجيب لهذه النوايا.
نعم نحن في مجتمع لا يقدر الأدباء كما يليق بهم، ولا يرعى مبادئ الملكية الفكرية والوفاء بحقوقها، وفي ظل ذلك لا يحصل هؤلاء على المقابل المادي الذي يوازي مقدار الانتفاع بإنتاجهم بكل طرق التداول والوصول. ومن جهة أخرى يغيب الاحترام الضمني والعلني لحق هذه الفئات عند الأداء العلني كالمشاركات في الوسائل الإعلامية من صحف وقنوات تلفزيونية، وإذاعية، أو في التجمعات والاحتفالات وغيرها من أنماط الانتفاع الجماعي، ولن يتحقق ذلك إلا في ظل نقابات واتحادات كتاب تدافع عن الحقوق الاعتبارية، وتشرّع قوانين الحفاظ عليها.
وهم أيضاً يعانون تسلط كثير من الناشرين والمزورين وتجار معارض الكتب المتلاعبين بعطاءات هذه الفئة التي تعيش في ضوء الشهرة وبهرجة الاحتفالات والمهرجانات وأروقة المكتبات، وترزح في الوقت نفسه تحت ضيق ما في اليد وعناء البحث عن حياة كريمة تتواءم مع قناعاتهم ومبادئهم.
و يعرف الجميع أن المؤسسات التعليمية والثقافية تتنصل من أدوار كثيرة تقع على عاتقها في سياق دعم العاملين في مجالات المعرفة والإبداع بشراء إنتاجهم أو تمويل مشاريعهم، وتعزيز صلته بالأجيال الجديدة، وتقديم التسهيلات الكبرى لخطوط الإنتاج المتعلقة بصناعات الفن والثقافة والإبداع مثل إقرار الإعفاءات الجمركية للمواد الأولية للإنتاج الفني والطباعة والبرمجيات المستخدمة من قبل الناشرين لإعلاء نسبة الربحية التي يجنيها المفكر والأديب من الأوعية كالكتب وما يوازيها من أشكال عصرية أخرى، وهذه الأدوار لا تؤدى بعيداً عن اتحادات الناشرين ونظرائهم.
إلى جوار هذا تقف وزارة الثقافة والإعلام غير قادرة على تبني أدوارها وتعزيز مؤسساتها بشكل احترافي فيما يتعلق بدعم الأدباء بتأسيس دار نشر رسمية، ودعم من ينشر على حسابه الخاص بشراء كميات منه لتوزيعها على المكتبات العامة والمراكز الثقافية وإهدائها في المناسبات الداخلية والخارجية، ومراقبة السوق الثقافية وفيها يقع الأدباء والمثقفون تحت سطوة شركاء أقوياء.
أظن هذه العناصر جزء من المطالب المشروعة التي يمكن أن ينادي بها الأديب والمثقف، ويسعى إليها حثيثاً لا أن يرتهن إلى مطالبات من فئة «صندوق دعم الأدباء» الذي تجاوزه الزمن في ظل التأمين الطبي وهو مفقود لدينا، وعلى الأدباء والمثقفين الوقوف إلى جوار المواطن للمطالبة بذلك ففيه الخلاص لجميع الأفراد من صناديق الدعم والاستجداء وذل السؤال، و»تركيع الأقلام»، و»شراء الذمم» أحياناً!