- كنتُ على شطء الحياة البائسة اليائسة، أراقب أيامي التي تجري برجلاي لمستقر لها، دون أن تنصت لإرادتي، أو أن تتلقى إفادة مني، وكلما لفحني الموج الملتهب برذاذه الناري, مزجت لهيبه بلهيب دموعي وقلت : ربنا أفرغ علينا صبراً، وارحمنا وأنت أرحم الراحمين..
- كانت الأمواج بوليسية الفكر والسلوك، تختطف أطفال أحلامي من كبدي الممزق سلفاً بلا استئذان، وتشبعهم ضرباً وفزعاً وغرقاً، وتعيدهم لي في توابيت الفشل، وتكتب على جثة كل حلم .. باسم الحياة وتوقيعها الرسمي: توفي وفاة طبيعية!
- كانت تهزني رياح الأسئلة حتى تكاد أن تقتلعني، وقبل أن تجتثي إلى مصير مجهول الملامح، أتناسى وحشة الأفكار التي دمرت مدائن استقراري، وأتسلى بقراءة «النكت».
- تساومني الدنيا على أن أكون أو لا أكون، وبعد أن أضع خطة متقنة تزخر بالصدق والإرادة، في سبيل أن أوجد لي مقعداً مناسباً على متنها المغرور، تقول لي بكل بجاحة: لقد ألغيت الرحلة لسوء الأحوال الجوية، وعندما أعود إلى مقبرة الضياع.. أراها تلحقني بصرخات الضمير.
- وضع صديقي صورة تمثال الحرية وكتب تحت الصورة : ما أجمل الحرية، فما كان من حروفي المرهقة إلا أن علقت: ولكن الحرية ليست تمثالا!
- أرى الإنسان أحياناً مخدوعاً بأشياء كثيرة، تستعصي على الحذف من مستندات أفكاره، ولكني لا أعرف بعد : هل هو خلل في البرمجة؟ أم هو خلل في الإنسان؟!
- التوق والشوق إلى معرفة الحقيقة بكل تفاصيلها رغبة إنسانية ملّحة، ولكن ما يفعله الأغبياء هو إغماض أعينهم عندما لا تناسب الحقيقة أمزجتهم، وعندما يدركها بعض المفكرين فيفصحون عنها: تحرق السلطات أوراقهم لتخلّد أفكارهم، حتى ذلك الحين الذي يفتح الأغبياء أعينهم فيه!
- قال المتنبي»أريد من زمني ذا أن يبلغني
ما ليس يبلغهُ من نفسه الزمنُ»
وقد كان المسكين يحلم على ما أظن، ولكن حلمه كان بمثابة رؤيا, فقد تجاوز بشعره زمانه، ولكن حياته تخبرنا أنه وصل من غير خطة محكمة، وهنا سرّ آخر من أسرار صدفة الأحوال الجوية التي تتخذها الحياة ذريعة لإلغاء رحلات النجاح!
- الحقيقة جوهرة ثمينة، تحتاج إلى بحث مكلف، ولكن الناس كسالى، والباحثون منهم .. محاربون عندما يكتشفونها أو يكتشفون جزءا منها، لذلك يحرمون من روعة الجوهرة، حتى يأتِي الله بالفتح من عنده!