صدر هذا الكتاب عن دار جرير للنشر والتوزيع في عمّان (ط1، 1435-2015م) في 212 صفحة، وتأتي أهمية هذا الكتاب من مؤلفه العلامة اللغوي (داود عبده) أطال الله بقاءه، وهو ثمرة من ثمار عمر طويل في البحث اللغوي الجاد وتعليم اللغة للناطقين بها وبغيرها وبتدريب المعلمين والباحثين.
جاء الكتاب في ثمانية فصول، أما الأول فهو عن المبادئ التي يجب أن تراعى عند وضع كتاب لتدريس حروف العربية وأصواتها، وعن تراكيب الجملة للمبتدئين بتعلم العربية من الناطقين بغير العربية، وفيه تفصيل للمبادئ التي يقوم عليها اختيار التراكيب منها اختيار التراكيب الشائعة وتقليل عدد التراكيب في الدرس الواحد واستعمال تراكيب جديدة؛ ولكن بكلمات غير جديدة وتعمد تكرار التراكيب والكلمات في الدروس اللاحقة، والبدء بالتراكيب في هيأتها الضيقة قبل الموسعة، وتقديم التراكيب باستعمال كلمات لا تتغير جذوعها، أي كالأفعال الصحيحة السالمة لا المعتلة والأسماء الصحيحة لا المنقوصة أو المقصورة، والاجتزاء بتركيب واحد إن تعددت التراكيب المترادفة، وتأجيل ما يخالف من التراكيب مألوف الدارس بتراكيب لغته، وتجنب ذكر تركيب من غير شرح، وفي هذا الفصل بيان لكيفية شرح التركيب وشرح بنية الكلمة وما يواجه المعلم من مشكلات في ذلك.
ويأتي بعد بسط المبادئ السابقة الفصل الثاني ليتناول تدريس قواعد العربية للناطقين بغيرها، وهي قواعد تختلف عن القواعد التي تدرس في المدارس والجامعات العربية، فعقد موازنة بين التدريس في المستويين ثم تحدث عن أهمية تعليم العربية تعليمًا وظيفيًّا مبينًا القواعد الوظيفية، منبهًا إلى ما ليس من النحو الوظيفي وما هو إعراب وظيفيّ، وفصل القول في الكيفية التي ينبغي أن تتخذ عند شرح القواعد للناطقين بغير العربية.
ولَمّا كان الهدف هو النجاح في تعليم العربية خصص الفصل الثالث لتدريبات على المهارات اللغوية الأربع: فهم المسموع، وفهم المقروء، والتعبير الشفوي، والتعبير الكتابي، وهي أمثلة من نصوص للتدريب على فهم المسموع والمقروء والتعبير شفويًّا وتحريريًّا.
ومن الطبيعي أن يأتي الفصل الرابع ليبسط فيه ملاحظات عن المعجم الذي يحتاج إليه دارس اللغة العربية من الناطقين بغيرها وهي معلومات لا تتوافر في المعاجم المعتادة التي تورد الكلمات مجردة من سوابقها ولواحقها.
ولَمّا كان الدارس يتلقى اللغة من مصادر أخرى غير قاعات الدرس؛ إذ يسمعها مباشرة في وسائل الإعلام جعل الفصل الخامس عن الأخطاء اللغوية الشائعة في الإعلام العربي، وصنف هذه الأخطاء حسب عللها فمنها الضعف في قراءة الكلمات غير المشكولة، والضعف بالنحو، والجهل بالقواعد الصرفية، وتأثير اللهجات العامية، وتعميم القاعدة، والتفاصح، وربط الحركة بالموقع، وتشابه الكلمات.
والعربية ذات تاريخ طويل وتراث واسع ومعجم ضخم وهو قد لا يستطيع ذلك كله وقد لا ينفعه، ولذلك جاء الفصل السادس عن مفردات شائعة في اللغة العربية لتكون دليلاً عند التأليف والتعليم.
وكثير من متعلمي العربية من الناطقين بغيرها من المسلمين إنما دفعهم الدين لتعلم العربية لتفهم القرآن والسنة وتفسير القرآن وشروح الحديث وتعلم الثقافة الدينية بلغتها التي كتبت بها، ولذا جاء الفصل السابع عن مفردات شائعة في القرآن الكريم، وختم الكتاب بالفصل الثامن بمعلومات متفرقة تهمّ دارسي اللغة العربية.
وأحسب هذا الكتاب الجليل من الكتب التي تثري مهارة معلم اللغة العربية للناطقين بها أو للناطقين بغيرها.