نظم نادي الباحة الأدبي برئاسة الشاعر حسن بن محمد الزهراني مهرجاناً باسم «مهرجان الشعر العربي الثاني» على هامش جائزة نادي الباحة الأدبي الثقافية، كُرّم فيه الشاعر الدكتور صالح بن سعيد الزهراني، والشاعر علي الدميني.
وقد ضيّف النادي نحو سبعين شاعراً وشاعرةً، وعدداً من النقاد، والمهتمين، إلا أن اللافت للنظر، والمثير للإعجاب هو تنوع المدعوين بين شعراء وشاعرات من جهة، واختلاف الفئات العمرية بين شعراء شباب ورواد، وتباينهم في الشكل الشعري الذي يقدمونه، فمن قصيدة عمودية إلى شعر تفعيلة...، ولم تقتصر جنسيات المشاركين على السعودية فحسب، بل شملت كثيراً من الدول العربية، وهو ما أسبغ على هذه التظاهرة الأدبية إهاباً من الشمولية.
وبصفتي أحد المشاركين في هذا المهرجان الفذ؛ فإن الجميل في المهرجان - وكله جميل - هو أنه أتيحت للشعراء الشباب أن يلتقوا بالشعراء الرواد، وأن يحتكوا بتجاربهم من قرب، كما أن المهرجان تضمن جلسات نقدية لنقاد من السعودية، وبعض دول الخليج، وكان من بين الحضور الخطاط عادل العوفي الذي أدهش الحضور بخطه الفائق، وكتب لكل شاعر بيتاً من أبياته بخط رائع.
ولئن كان من السهل تنظيم مهرجان شعري؛ فإن العسير في الأمر أن يكون بهذا الحجم الضخم، وأن يدار إدارة احترافية تتسم بالدقة والبساطة في آن واحد، وما جعلني أُعجب بالتنظيم هو أن بشاشة المنظمين وابتساماتهم لم تفارق محيّا كل واحد منهم طيلة مدة المهرجان، ومن المؤكد أن ذلك عائد إلى سجية الكرم التي يتميز بها أهل منطقة الباحة وسائر أهل وطننا الغالي.
ومن قبل بدء المهرجان بأشهر ٍكان التواصل والترحيب بالمشاركين مستمراً على طريقة أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله، ولكن المشاركين لم يشعروا لتبسط المنظمين بأنهم ضيوف، بل هم أرباب المنزل، ولم يكتف نادي الباحة الأدبي بالأماسي الشعرية والنقدية فحسب، بل نظم زيارات لإطلاعهم على بعض المواقع السياحية والأثرية، كقرية ذي عين الأثرية، وغابة رغدان الفاتنة، وتقديم بعض العروض الشعبية في المنطقة كالعرضة، وبعد انتهاء المهرجان كان نادي الباحة يُتبع ضيفه الكرمة حيث مال.
إن هذه التجربة الأدبية بما اتسمت به من ضخامة ودقة في التنظيم تجربة تستحق الإكبار، فهي جديرة بأن تحتذى وتطبق في سائر النوادي الأدبية التي ننتظر منها مثل هذا النشاط - وهي نشيطة بلا شك -.