ملء الفراغ
ما بين هزيمة 67 حتى توقيع السادات على كامب ديفيد ( 78) تعرض اليسار القومي لانكسارات متتالية جعلته يفقد رمزيته حتى تبدى الأمر وكأن الجيل الشاب خسر روحه ومعناه، وهنا تحرك الحس الديني ليعمر الفراغ المعنوي، وحدث للشباب تحرك مماثل لما كان عند سابقيهم، أي الدخول في الموجة دون سؤال أخيهم على ما قال برهانا، لم يكن أي عروبي بحاجة لمن يدعوه ويغريه بالعروبية، بل كان يسير دون شروط ودون نداء، وكذا صار شباب الصحوة يندفعون لها دون حاجة لجهد إقناعي، وتغيرت علامات الشباب من الوجوه المرد إلى اللحية وصارت الصلاة ليست واجبة فحسب بل علامة انتماء أيضا، وقريبي الذي لم تقبل ابنة عمه الزواج منه لأنه ملتح (التوريقة السابقة) جاء عوضا عنه عشرات خسروا الخطبة لأنهم غير ملتحين، وصار من لا يصلي نشازا، وعمت الصحوة بعلاماتها الخاصة، ولكنها ظلت تحمل شعار (لا يسألون أخاهم حين يندبهم / في النائبات على ماقال برهانا) تماما كحال الموجة العروبية، هنا امتلأ الفراغ المعنوي بصيغته النسقية ليكون للشخصية الشابة معنى وجوديا يملأ الفراغ الرمزي ويحدد علاماته، ثم تلتها مرحلة ما بعد الصحوة ولها صيغتها المختلفة كما آلت إليه الحالة الثقافية.