جاء الأستاذ «جيمس مايكل (يوسف) بد» إلى المملكة في منتصف الستينيات الميلادية ( 1965م) معلمًا للغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بمدينة عنيزة ومكث فيها خمسة أعوام وغادرها غيرَ مختارٍ لأسبابٍ أشار إليها في سيرته الذاتية التي قصرها على أعوام إقامته في عنيزة وقصة تحوله للإسلام بعد ثمانية عشر عامًا من مغادرتها (1988م) نتيجة اقتناعه وقراءاته ومقارناته التي لم يؤثر فيها إبعادُه عن مدينةٍ أحبها وأهلَها وكون فيها علاقاتٍ حميمةً مع شبابها وكهولها وشيوخها الذين أحبوه وظل معظمهم على ارتباطٍ وثيق به حيث يقيم قرب لندن وحيث مضت به ظروفه العملية في عُمان والبحرين وسواهما وعند قدومه لأداء فريضة الحج وكذا حين دعوه لزيارة عنيزة فعاد إليها بعد أربعين عامًا من مغادرتها وكانت له لقاءاتٌ وحكاياتٌ رواها بأسلوبه الجميل في كتابه (العاشرة والنصف بعد الظهر: رحلة إنكليزي من عنيزة إلى مكة) ويتوقعُ توفيره في المكتبات قريبًا، وقد صدر باللغة الإنجليزية بمراجعة ومتابعة وعناية عدد من طلبته ومنهم معالي المهندس يوسف البسام ومعالي الدكتور محمد السويل وسعادة اللواء طيار عبدالله اليحي السليم وآخرين كما قدم له الزميل د. إبراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية، وتجري محاولات لتسريع ترجمته إلى اللغة العربية، وينتظر أن تبادر بعض دور النشر للحصول على حقوق ترجمته لما احتواه من توثيقٍ للحياة الاجتماعية والثقافية خلال فترة مهمة شهدت كثيرًا من التحولات الفكرية والسياسية والمد القومي والإسلاموي والحوار الجدليِّ بين معتنقيهما وحدثت خلالها حرب 1967م التي مثلت حجر زاوية فيما تلاها من تبدلاتٍ عاصفة، وقد اشتمل كتاب السيد جيمس بد على النادر من التفاصيل حول الواقع التعليمي والعلمي والاقتصادي والاجتماعي ولقاءاته برموز عنيزة ومثقفيها والمفارقات الطريفة التي مرت به خلال تجربته الفريدة، وقد سبق أن عملت معه الجزيرة لقاءً ضافيًا حين زار المملكة (2011م) وأرفقت ذلك بصور من منزله الذي عاش فيه خلال إقامته وما يزال كما تركه.
المؤلف أسمى كتابه (العاشرة والنصف بعد الظهر) إيماءً إلى التوقيت الغروبي الذي كان سائدًا وقت إقامته في المملكة ورمز به إلى وقت العصر المتأخر قبل أذان المغرب بساعة ونصف ولعله الزمنُ الأهم الذي يختصر تجربة العمر حين تؤذن شمسها بمغيب.