هذا عنوان المؤتمر الدولي الذي نظمه معهد اللغويات العربية في جامعة الملك سعود من يوم الاثنين 10- 4- 1435هـ حتى الأربعاء 12-4- 1435هـ، وشهد هذا المؤتمرَ حضورا كثيفا منذ افتتاحه حتى ختامه، ووفق القائمون على إعداده، وآية ذلك تسلم من شهد المؤتمر كتاب البحوث وملفًا يضم برنامج المؤتمر ونشرات تعريفية عن المعهد ونشاطاته. وكان يحسن أن يضم الملف كراسة تعريفية بسير مختصرة عن المشاركين، وملخصات بحوثهم.
جعل المؤتمر في سبع جلسات بعد الافتتاح، أما الجلسة الأولى فكانت عن نظريات تعلم اللغة الثانية، تحدث فيها أ.د. محمد صلاح الدين الشريف من جامعة منوبة بتونس فشرح بعض الأسس النظريّة لمقاربة عامة تعليمية توحد مختلف القدرات اللسانية لاستعمال العربية في التواصل المناسب للمقام، وقد بين الباحث كيف أن كثيرًا من الدارسين يتعلمون في بلادهم العربية تعلمًا مرتبطًا بالتعليم الديني فيكون المستوى المتعلم هو المستوى الفصيح المغرق في تراثيته وقدمه، وهو مستوى حسن ومطلوب، ولكنه لا يفي بالغرض التواصلي مع أهل اللغة المعاصرين الذين يستعملون مستوى فصيحًا مختلفًا بعض الشيء عن ذلك المستوى التراثي؛ ومن أجل ذلك يجد هؤلاء الدارسون عنتًا في تفاهمهم مع أهل اللغة، ومن أجل ذلك لابد من تعليمهم هذا المستوى، وتعليمهم أن العربية لها عمقها التراثي ولها بعدها الحداثي، هذا ما فهمته من استماعي لعرض الأستاذ. ومن الموضوعات التي لفتت نظري ما قدمه الباحث القدير د. سعد بن محمد الجديع من جامعة الملك سعود عن الأعمال اللغوية وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها: نظرة في المنهجين القديم والحديث، لفت نظري ما عرضه عن نظرية التلطف، وأحسن في عرض نماذج من الحوارات الممكنة التي تبين مستوى الطلاب الكاشف عن مهاراتهم التواصلية، ولكن الأمثلة موضع توقف ونظر؛ لأن ثمة جملة من المتغيرات تؤثر في سياق الحوار، منها الوقت المحرج ومنها درجة العلاقة بين المتحاورين وجنسهم، فليس الطلب المباشر مشيرًا بالضرورة إلى قلة التلطف، فالمعوّل في جزء من ذلك موقف المخاطب الموجه إليه الطلب، ثمّ إنّ من معززات الطلب ما لم يشر إليه المثال المطروح وهو هيأة المتكلم الطالب وما علا محياه من تأثر وتعبير، من ابتسام أو لهفة، كل ذلك له اعتباره في المسألة التواصلية، وهي موازيات للتعبير اللغوي لا يمكن تنميطها وتعليمها. وقدم د. محمد أحمد القضاة من الجامعة الأردنية عمله الذي شاركت في إعداده أ. مشاعل بنت ناصر آل كدم وهو عن المنهاج وأثره في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وبين الباحث أهمية أن تبرز المناهج الثقافة العربية؛ إذ اللغة العربية ليست قواعد نحوية فقط بل هي ثقافة أمّة، وأشار إلى أمر مهم وهو ما يعيب بعض مناهج تعليمها وهو تطبيق نماذج غربية بحذافيرها من غير مواءمتها بما يناسب طبيعة العربية نفسها، وهو محق كثيرًا، إذ نجد من يركز على التعليم المقطعي وهو غير ذيثر في العربية أو التوقف عند النبر وهو غير مهم في معاني الألفاظ، بخلاف التنغيم الجملي الذي قد ينقل الجملة من الإثبات إلى الاستفهام، ويشي بطائفة مختلفة من الدلالات من سخرية أو تشجيع أو إعجاب.
وكانت الجلسة الثانية عن إشكالات التخطيط اللغوي في تعليم اللغة الثانية، والجلسة الثالثة عن المعجم وتعليم اللغة، وأما الجلسة الرابعة فعن مداخل تعليم اللغة الثانية وأساليبها، وأما الخامسة فعن تطبيقات في تعليم اللغة العربية، وجاءت الجلسة السادسة فمحورها أهداف وكفايات لغوية، وجاءت الجلسة السابعة الخاتمة عن التكنولوجيا الحديثة في تعليم اللغة الثانية. وليس بالإمكان استعراض البحوث في جميع الجلسات، ولا غنى لمن يريد المعرفة من الاطلاع على الكتاب الضام أبحاث المؤتمر. وكانت بعض الجلسات تضم خمسة متحدثين فلا ينالهم من الوقت ما يفي بعرض الفكرة عرضًا شافيًا، فترى من يهزّ كتفه أو يطوّح بذراعيه مستسلمًا لأمر مدير الجلسة بالتوقف داعيًا المستمع للعودة إلى ما كتبه، وهذا من الأمور المعيبة في المؤتمرات. قلة من الباحثين يفلحون في زوي أفكارهم في الوقت المحدد، وما من شكّ أن طبيعة الموضوع ومضمونه من أهم المؤثرات في ذلك، ولم تستطع الوسائل العرضية التقنية في إنجاز ذلك. لا نملك إلا أن نتقدم بالشكر لمعهد اللغويات العربية ولجامعة الملك سعود لتنظيم هذا المؤتمر.