ومع إعلان القائمة النهائية القصيرة لترشيحات جائزة البوكر للرواية العربية , وتضمنت القائمة القصيرة التي أعلنتها لجنة تحكيم الجائزة، عدة روايات هي: «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» للسوري خالد خليفة، وهى الرواية التي فازت بجائزة نجيب محفوظ عام 2013، ورواية «فرانكشتين في بغداد» للعراقي أحمد سعداوي، ورواية «طائر أزرق نادر يحلق معي» للمغربي يوسف فاضل، و«طشاري» للعراقية إنعام كجه جي، و«تغريبة العبدي» المشهور «بولد الحمرية» للمغربي عبد الرحيم لحبيبي.
اتضح المشهد مع استبعاد رواية الكاتبة بدرية البشر, العمل السعودي الوحيد الذي رشح في القائمة الطويلة نحو البوكر بروايتها (غراميات شارع الأعشى) بدريه البشر روائية وصحافية سعودية. حائزة دكتوراه في فلسفة الآداب ـ علم اجتماع ثقافي. تكتب في جريدة الحياة. صدر لها في القصّة القصيرة «حبة الهال» و»مساء الأربعاء» و»نهاية اللعبة»، وفي الرواية عن دار الساقي «هند والعسكر» و»الأرجوحة» الجدير بالذكر أن الرواية السعودية تواجدت بشكل جميل من خلال الكاتب صاحب المنهج السوداوي في الأدب عبده خال من خلال روايته (ترمي بشرر) الحائزة عام 2010 على جائزة البوكر العربية لأفضل نص روائي وأيضا فازت السعودية رجاء عالم في العام 2011 بجائزة البوكر للرواية العربية عن روايتها (طوق الحمام) مناصفة مع الكاتب محمد الأشعري عن روايته (القوس والفراشة)
والعام الماضي تنافس السعودي محمد حسن علوان بعمله الجميل (القندس) لكن الجائزة ذهبت للكويتي سعود السنعوسي عن عمله (ساق البامبو)..
الحقيقه أنه عندما اطّلعت على القائمة الطويلة للبوكر هذه السنة التي احتوت على 16 عملا روائيا , تسألت مالذي تفعله بعض هذه الروايات هنا؟!
والمراقب للمشهد الروائي خلال السنوات الماضية يلاحظ نضوج العمل الروائي السعودي بشكل كبير ونضوج التجربة الإنسانية لدى الكاتب وذلك ملاحظ من خلال حصوله على الجوائز أو مجّرد دخوله في المنافسة أمام أعمال كبيرة جدا. وكتّاب مخضرمين أصحاب تجربة كبيرة , فالقارئ ينتظر من الكاتب عملا فنيا ذا نظرة وجودية وإنسانية عميقة للحياه تجعله يشاهد العالم من ثقب الكاتب وليس اقتباسات جميلة , فأنا كقارئ أحب كثرة الأحاديث في الرواية، ولا أُحب أن يُخبرني صوتٌ مُبهمٌ لا يعود إلى أيّ شخصية في الرواية عن شكل الرجل الذي يتحدث فيها.. أُريد أن أكونَ قادراً على تخمين شكل الشخصية من أحاديثها، وطريقة تفكيرها من كلامها
مئات الروايات السعودية ومئات الكتّاب لم يدركون هذه المعادلة السهلة الصعبة في آن واحد لأنها تحتاج للوعي والعمق أولا والثقافة والتمكن من السرد المترابط ثانيا
يشير ماريو بارغاس يوسا في رسائله المهمة التي وجهها إلى روائي شاب، إلى أن فعالية الكتابة الروائية تعتمد على خصيصتين اثنتين: تماسكها الداخلي وطابعها كضرورة لازمة كما لفت إلى ضرورة بناء الرواية التي اعتبرها صنعة حرفية تدعم بنيان الروايات التي تبهرنا فتظهرها ككل متناسق ونابض وتزودها بقدرة على الإقناع، إلى حد تبدو لنا معه مستقلة بذاتها: مولودة ذاتياً ومكتفية بذاتها.
لذالك يمتلئ السوق السعودي بالأعمال الروائية خاوية القيمة والمضمون , فلو سألتك عزيزي القارئ بذكر عمل سعودي روائي مؤثر متكامل بالمكتبه حاليا؟
أتمنى أن تجتهد بالإجابة.
يقول إبراهيم الدغيري في رسالته الخاصة في نمو الرواية السعودية (إننا إذا كنا ندرس المجتمعات من خلال الشعر؛ فإن الرواية أقدر من الشعر في رصد الصورة، وعكس تحولات المجتمعات أياً كانت تلك التحولات التي هي من أخص صفات المجتمع وذلك عن طريق التبادل التفاعلي ما بين اللغة والفكر)
ويقول الأديب علوي الصافي: « نلاحظ أن المشهد الثقافي استقبل مجموعة من الإبداعات الروائية والقصصية في غياب الحركة النقدية وهذا يعني أن النقد لم يواكب الحركة الإبداعية الجديدة».
وهذا يدل أن نمو جودة الأعمال الروائية متلازمة مع نمو النقد الأدبي للعمل بدون محسوبية فالرواية العظيمة عمل فردي من حيث الإبداع الفني، لكنها عمل يتأثر بالمجتمع، ويؤثر فيه، ويعبر عنه من حيث القيمة الفكرية الاجتماعية.