لم يفهموا في الشِّعرِ إلاَّ الغزلْ
هل ما سوى التَّشبيبِ أضحى خَطَلْ؟
رمْزٌ بلا معنى وجفْوٌ بلا
وزْنٍ وبوحُ الجدِّ أمسى هزَلْ!
تبلَّدَ الإحساسُ؟ أمْ موجةٌ
غربيَّةٌ؟ أم نظرةٌ من حَوَلْ؟
أوطانُنا تشكو خراباً طغى
من مدةٍ لم تلقَ في النَّاسِ حَلْ
وشدْوُ بعضٍ لم يثبْ مبصراً
عن وصْفِهِ النَّهدَ وحُسْنَ المقل
ما قيمةُ الشِّعرِ إذا لم يثرْ
حرباً على البغْيِ وخصْمَ الزَّلل؟
إلامَ دنيانا تُرى مسرحاً
أحداثُه سفكٌ وغدرٌ جللْ؟
جار الطَّواغيتُ فلم يرحموا
لمَّا رأوا الرَّدعَ رديفَ الكَسَلْ
في كلِّ يومٍ ما سوى الشَّجبِ لا
إلاَّ إغاثاتٌ وعونٌ يسلْ!!
كم دمَّرَ الطَّاغوتُ من عامرٍ؟!
وكم نفى شيخاً وطفلاً قتلْ؟!
وكم أعدَّ الظلمُ من منصبٍ
لخائن العهْدِ و.. شهمٍ عزلْ؟!
وكم لئيمٍ صار في لحظةٍ
أثري وذو الجودِ به لم ينلْ؟!
لو مسَّ ما يجري بأوطاننا
صخراً شدا حزْناً فأبكى جبلْ!
تعجَّبَ التَّأريخُ من حالِنا
..ما هذه الفوضى وهذا الخَللْ !؟
أيُصْرَفُ الشِّعرُ لنشْرِ الونى
عن عزَّةِ الضُّوءِ وخيرِ المُثُلْ؟
للسيف أنباءٌ سقتْ عالماً [1]
عزَّماً ألآن الصَّعبَ حتَى وصَلْ
وكان حسانٌ إذا ما شدا [2]
يشتِّتُ الضدَّ ويُهدي الأملْ
هل يجهلُ الَّلاهون ما كان للـْ
أشعارِ من وقْعٍ فريدِ المَثلْ؟
أما دروا عن نكسةٍ زفَّها
شعرُ المناجاةِ ووصفُ القُبلْ؟
[في ما مضى] حسبي شكا ضيغمٌ [3]
ردْعاً لعقلٍ ليس في معتقلْ
يا ليت أهلَ الفنِّ لم يُسهِموا
إلاَّ لغرسٍ العزِّ في من غفلْ
يا ليت ما أرْمّدَ من فنِّهمْ
جمْرٌ نرى منه صفاتِ الأُوَلْ
فيكتب التَّاريخُ إعجابَهُ
بطرْدنا الوهنَ الذي لم يزلْ
نقولُ للعذلِ تدور الدُّنى
ذا نجمُنا في الأفْقِ لا ما أفلْ
من مُنْزَلٍ عُزَّ الورى لو دروا
..لا يُسعِدُ الدُّنيا سوى ما نَزَلْ
لا يستوي سيْرٌ بدربٍ [سوا]
والسَّيرُ في وحْلٍ كثيرِ العِللْ
** ** **
1-إشارة إلى قصيدة أبي تمام التي مدح بها المعتصم في فتح عمُّوريَّة
2- حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله علي وسلم
3- إشارة إلى قصيدة المعتمد بن عباد التي مطلعها [في ما مضى كنتُ بالأعياد مسروراً] حين كان في سجن أغمات بالمغرب