Saturday 21/06/2014 Issue 443 السبت 23 ,شعبان 1435 العدد

طَرِيقُ الحُبِّ

القصيدة (أيُّ قصيدة) عبارة عن مخاضٍ، يسهلُ

حيناً ويتعسّر أحيانا، وقبل المخاض تكون الفكرة

التي هي النُّطْفةُ المودعةُ في مخيلة الشّاعر،

والفكرة في قصيدتي (طريق الحب) هي

تساؤلي: كيف هو طريق المُحِبِّ لمن يُحِب؟

لا شكّ أنّ طريقَ المُحِبّ لمن يُحب يختلفُ

عن الطُّرق الحياتية الأخرى، تخيّلتُ هذا الطّريق

فتصوّرتُ أن بهِ طيوفاً جميلةً في نواحيه وأنحائه،

يمتلئُ بالأناشيد العذبة التي تعْشقُ الأوتار، وفي

جنبات الطّريق ورودٌ وأزاهير تتمايلُ في زهْوٍ

واخْتيالْ، والنّسيمُ العليلُ يسري ليعانق الغيد والأبكارْ،

1

ومصابيح الظلام (النّجوم ) تتغنَّى بحبّها وجَواها وأحيَتْ

الأسحار بطربها وغنائها، والجبالُ التي على قُننها يهبُّ

الهواءُ فيَصدُرُ منه حفيفٌ فكأن مشاريفها تَعْزفُ لحن

الوجد والحب والهُيام ْ، والعصافيرُ تُشارك بتغريد

الأشعار، والسحابُ تطْفُرُ دمعته اشْتياقاً بهتّانٍ

رقيقٍ لطيف، وعيونُ الحنين باتتْ سَهارَى، والموجُ

الذي يتدافع ليُعانق الشّاطئ باشْتياقٍ ويصدُرُ منه

صوتٌ هو شهقةُ الوجدِ وآهةُ الاشْتياق، ويتطايرُ

رذاذُ مائِهِ كأنه دموع، ثم يقفُ الشاعرُ ليُردِّد

أنّه في محفل الغرام بليغٌ وخطيبٌ مُفَوَّهٌ لا يُجارَى،

يَجْتني السّحْرَ من عُيون العذارَى ويرَوِّي بهِ

قلوبَ الحَيارَى، ويعْزفُ البوحَ للجميلات شوقاً

وتشوُّقاً ويُغنّي البَوْحَ في شعره جِهاراً نهارا .

2

ولأن طريقَ الحُبّ طويلٌ وجميل، يلتفتُ الشّاعرُ

المُحبُّ ليؤكِّد لأحبّائهِ أن طريق الحبّ طويلٌ،

وعلى جنبات الدّرب يكمنُ الغَيورون والحُسّاد،

ثم يهتفُ بهم ألاّ جُناح عليهم إن سكبوا النّور

في مُقْلتيه فَرَحاً واسْتبْشارا :

هذا هو جوّ القصيدة وأجواؤها وصورها :

في طَرِيقِي لِمَنْ أُحِبُّ طُيوفٌ

وأَنَاشِيدُ تَعْشَقُ الأَوْتَارَا

وَوُرُودٌ تَمايَلَتْ بِاخْتِيالٍ

ونَسِيمٌ يُعَانِقُ الأَبْكَارَا

3

والمَصَابِيحُ في دُجَاهَا تغَنّتْ

بِجَواهَا وأَحْيَتِ الأَسْحَارَا

والمَشَارِيفُ تَعْزِفُ الوَجْدَ لَحْناً

والعَصَافِيرُ غَرَّدَتْ أَشْعَارَا

طَفَرَتْ دَمْعَةُ السَّحَابِ اشْتِيَاقاً

وعُيُونُ الحَنِينِ بَاتَتْ سَهَارَى

وتَعَالَتْ مِنْ شَهْقَةِ المَوْجِ آهٌ

ثُمَّ فَاضَتْ مِنْ عَيْنِهِ مِدْرَارا

أَنَا في مَحْفَلِ الغَرَامِ بَلِيغٌ

وخَطِيبٌ مُفَوَّهٌ لا يُجَارَى

4

أَجْتَنِي السِّحْرَ مِنْ عُيُونِ العَذَارَى

وأُرَوِّي بِهِ قُلُوبَ الحَيَارَى

أَعْزِفُ البَوْحَ للجَمِيلاتِ شَوْقاً

وأُغَنِّيهِ في قَصِيدي جِهَارَا

يا أَحِبَّايَ والطَّرِيقُ طَوِيلٌ

وعَلَى الدَّرْبِ عَاصِفاتُ الغَيَارَى

يا أَحِبَّايَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ

إنْ سَكَبْتُمْ في مُقْلَتَيَّ النَّهارَا

- عبد القادر بن عبد الحي كمال