في يوم الثلاثاء 21 رجب 1435ه استضافت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي للحديث عن تجربته في القراءة، وذلك في ملتقى (تجاربهم في القراءة) ضمن فعاليات المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب الذي يتشرف كاتب هذه السطور بإدارته والإشراف على برامجه وأنشطته.
ولعل الأخ العزيز د. إبراهيم التركي – الذي كان أحد ضيوف الملتقى – يتذكر جيداً الحوار الذي دار بيننا حول أهمية وضرورة استضافة معالي الشيخ ليحدث جيل اليوم عن قراءاته وتأليفه، كيف بدأ معها الشيخ وكيف أصبحت تطغى على غالب وقته.
كنت أعرف أن مهمة الحصول على موافقة الشيخ العبودي صعبة، وذلك لكثرة ارتباطاته ولقاءاته العلمية، فتحدثت أولاً مع د. عبدالكريم الزيد نائب المشرف العام على المكتبة في سبيل توجيه الدعوة للشيخ على أن أتولى التنسيق والترتيب مع الشيخ. وأصدق القراء الكرام أنني لم أكن متفائلاً بالحصول على موعد قبل رمضان، فعزمت أمري واستعنت بصديق هو الأخ د. محمد المشوح القريب إلى قلب الشيخ وعقله. وعدني خيراً بالحديث مع الشيخ في الموضوع، وفعلاً تحدث وأفادني بالموافقة المبدئية على أن الموعد المقترح في شهر رجب قد يحتاج إلى تأكيد مني في الحديث مباشرة مع الشيخ - حفظه الله -. هاتفت الشيخ فرحب بي كثيراً وشكر الدعوة ووعدني خيراً بخصوص الموعد المقترح، وفي اتصال آخر أجاب مشكوراً الدعوة وتم الاتفاق على مساء 21 رجب.
بدأنا وبدأ الزملاء في العلاقات الثقافية في المكتبة بتوجيه الدعوات للمهتمين والمهتمات، كما أعلن عن ذلك في عدد من الصحف في أقسامها الثقافية. وفي يوم اللقاء، حضر الشيخ في موعده بعد صلاة المغرب مباشرة يصحبه محبه المشوح، كما حضر عدد من المثقفين والمهتمين والمهتمات بالقراءة بالإضافة إلى محبي الشيخ وهم كثر.
الجميع كان مشتاقاً ومتطلعاً إلى معرفة أسرار وخبايا الشيخ (التسعيني) كيف بدأ وماذا قرأ، وكيف استفاد وأفاد حتى أنتج هذه المؤلفات. بدأ الشيخ، شكر واستمر، ثم تحدث عن البداية في بريدة قبل عقود، ومع البداية كان الجميع يطلب الاستزادة تفصيلاً، لكن الشيخ قفز إلى عام 1400ه، وحادثة الحرم المشهورة حيث تحدث عن فقد الكتب وكيف جلس طويلاً قبل ذلك لنسخ أحد الكتب في مكتبة الحرم. وبعد ذلك تناول الشيخ الحديث عن التأليف وارتباطه بالقراءة، ثم ختم ليتلقى الأسئلة التي كانت تصب في الاستفهام عن بعض الحوادث.
اختتم اللقاء، وما أظن أحداً من الحاضرين كان مرتوياً بل جميعنا كنا نقول في دواخلنا «ليته لم يسكت»! بعد هذا اللقاء أدركت أنه كان مدخلاً للقاءات مع معالي الشيخ يفيض من تجربته كما وعد أثناء اللقاء بتسجيل ذكرياته.
ومن هنا أوجه دعوة للمؤسسات الثقافية والفكرية في بلدنا بأهمية وضرورة إقامة لقاءات وعقد ندوات مع مثقفي ومفكري بلدنا قبل رحيلهم وقبل أن نسكب العبرات حزنا على فقدهم، بل ونتلاوم ونحزن أن ذهبوا قبل أن نرتوي من فكرهم وأفكارهم. وأزيد وأقول: أتمنى عقد لقاءات في عدد من مدن مملكتنا الغالية مع مجموعة من المفكرين والمثقفين يجتمعون في أحد اللقاءات ويلتقي به من أحبهم ورغب في إنتاجهم، يتعرف عليهم وينهل من تجربتهم.
أيها الآباء والأمهات والمعلمون والمعلمات، إنها القراءة قبل فوات الأوان.