Saturday 20/12/2014 Issue 456 السبت 28 ,صفر 1436 العدد

وهذا باب فى التوريق

2 - (كلنا) أطفال مكة

أنا وجيلي كنا أطفالاً لعمر عبد الجبار وكنا نعرف أننا في شراكة عملية مع كل أبناء الجزيرة العربية (السعودية وحضرموت) وكذا إندونيسيا، والكتاب المقرر علينا في عنيزة هو نفسه في تلك البقاع كافة، كنا في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، وكانت الكتب المقررة علينا في المنهج الدراسي تتنوع ما بين التاريخ واللغة العربية والدين، ومستتبعاتها من مطالعة وتعبير وتجويد وأناشيد، وعلى كافة السنوات الدراسية الست الابتدائية، وهذه وحدة شعورية كونية فيما بين أطفال الأمة، حيث تقع عيونهم كلهم على ورقة واحدة ويقرؤون كلمة واحدة يشتركون فيها تهجياً ثم تعتعة ثم تلعثماً وفي الأخير استيعاباً ودربة، ولك أن تتصور هذا الإيقاع الكوني عابراً لحدود المكان وجغرافية الأرض، والجامع لنا كلنا فيه هو كتاب لعمر عبد الجبار، وخصائصه أنه كتاب صغير وبسيط وتلقائي وخفيف دم وقريب لنفس الطفل.

لقد وهب الله عمر عبد الجبار حساً طفولياً جعله ينضم لنا عقلياً وذوقياً حتى صار منا وفينا، يغرس كلماته في ضمائرنا حتى أحببنا به القراءة وتطبعنا على الكتب، وأحسسنا أننا في طريق الماء، وهي ذاكرة تظل فيك، وقد تغفل عنها كما تغفل عن طفولتك، ولكنها أنت بكامل شعورك بما أننا في بوتقة علمية ووجدانية رمزها مكة المكرمة وهي وحدتها الشعورية والمعرفية حيث اندمجنا مع أطفال مكة ومربي مكة عمر عبد الجبار (1900- 1971).

وبذا كنا كلنا أطفال مكة تلاميذ لها، وكبرنا مع جباه تسجد لربها وتعرف وهي في سجدتها أنها تتجه جسدياً وروحياً وجهة مكة التي نتعلم من كتبها الصغيرة وتنبض قلوبنا بروحانيتها وبإيمان يربطنا مع الطهارة والرمز.

** ** **

ملاحظة:

في الأصل كتبت هذه التوريقة لنشرها مع توريقاتي في الجزيرة الثقافية، ولكن مناسبة صدور العدد الأول من جريدة (مكة) وطلب الإخوة هناك أن أكتب مقالة للعدد الأول فقد نشرتها هناك لحالة التناسب الوجداني فيها، وأنا أعيد نشرها اليوم لكي لا يحدث انشطار بين توريقاتي، ثم للتأكيد على حالة التآخي بين الجزيرة ومكة، وكلتا الجريدتين سترحبان بتصرفي هذا بلا شك عندي ولا عندكم.

- عبد الله الغذامي