Saturday 20/12/2014 Issue 456 السبت 28 ,صفر 1436 العدد
20/12/2014

التشكيليات الوجه الآخر للعملة التشكيلية.. قيمة ومقام وحضور مشرف (9)

سلوى الحقيل.. بالماء وشفافية الألوان رسخت الجمال ووثقت التراث وكسبت الإعجاب

نواصل التعريف أو ما يمكن أن نصفه باستعادة التذكير للأجيال الجديدة بالأسماء المؤسسة والمساهمة في انطلاقة الحراك التشكيلي السعودي من الجانب النسائي، الذي يشكّل النصف الأكثر تألقاً وحضوراً ومنافسة.

أشرنا في العدد السابق إلى الفنانة بدرية الناصر الممتلكة للأسلوب والحضور المبكر. واليوم يسعدنا أن نقدم الفنانة سلوى الحقيل أحد الرموز المهمة، وصاحبة أسلوب وخامة تُعتبر المتفردة بها، هي خامة الألوان المائية. فنانة ساهمت بالكثير، وأسهمت في العديد من الدورات، وخرجت منها تشكيليات متقنات لهذا اللون من سُبل التنفيذ والخامات.

نقدمها اليوم، ونقدِّم من خلالها تجربة من تجارب الساحة التشكيلية السعودية التي تتنوع فيها مشارب هذا الفن، من نحت ورسم وتصوير زيتي وتراكيب (ميديا)، إلى آخر المنظومة.

جرأة وقدرات عالية

كانت الأكثر شجاعة، والأكثر قدرة على ترويض أصعب الألوان، فأصرت على أن تكون رفيقة دربها التشكيلي. فنانة تمتلك عيناً تكتشف مكامن الجمال في الطبيعة من بين زوايا القبح، وتحيلها إلى عقل يجعل من تلك المشاهد معنى.. وإبداعاً يستحق الوقوف أمامه، بالماء وشفافية الألوان.. رسخت الجمال.. ووثقت التراث.. وكسبت الإعجاب، وأصبحت علامة بارزة من بين بقية الأساليب والتقنيات. تلامس أبعد مساحة من رهافة النظرة للأشياء؛ لتنقلنا إلى تفاصيل قد تكون غائبة عنا، وتعيد صياغة الشكل؛ ليتناسب مع الخامة السهلة الممتنعة.

فالألوان المائية لا تقبل الحوار الطويل، ولا ترضى بالالتفاف على جمال لحظة اهتزاز الوجدان وتفاعل الموهبة تجاه ما يراه الفنان، ولا تتنازل عما هي عليه من أهمية في سرعة التعامل معها. (لا هي لون ولا هي ما ولا هي غيمة ولا ضما) مع الاعتذار للأمير بدر ولمحمد عبده في استعارة البيت، وتوظيفه؛ إذ إن الألوان المائية كالشعر المنثور، سهل ممتنع، يراه البعض سهلاً، لكنه في الحقيقة صعب على الكثير؛ ولهذا لا نجد إلا القلة على المستوى العربي الذين لديهم القدرة على ترويضه.. هي الشعر في الفن التشكيلي. اللوحة المائية لدى الفنانة سلوى الحقيل تدفعك للخروج من الموضوع إلى فضاء التكوين؛ فأنت أمام شكل مرسوم وغير مرسوم بين الكتلة والفضاء، والضوء المأخوذ من أرضية اللوحة أحياناً تراه مساحة من ضوء، وأحياناً تراه فراغاً في ضوء. فالأبيض في لوحاتها جزء مهم من تقنيات اللون، مع أنه ليس لوناً منتجاً أو مستقى من البالته.

تلك هي لعبة الألوان المائية، وتمكُّن الفنان من كيفية توظيف الأرضية كجزء من بناء اللوحة وتشكيل العناصر، فالأبيض أو بقعة الضوء الوهمية في نظرنا التي تتركها الفنانة سلوى تقتنصها اقتناصاً، فهي لا تضعها حسب الحاجة كما هي في الألوان الزيتية، فتدفعنا أحياناً إلى النظر لهذا الفضاء مهما صغر أكثر من رؤية اللون؛ كون هذا الضوء صاحب القرار في نجاح اللوحة أو فشلها.

عناصر الطبيعة ورموز التراث

أصبح الواقع البيئي المتمثل في الطبيعة أهم مصادر إلهام الفنانة سلوى الحقيل، فقد أخذت على نفسها أن تكون سفيراً للطبيعة وللتراث.. غمست فرشاتها في ماء وتراب الوطن، فجعلت منهم هوية وعنواناً، لا يمكن تجاهله حينما نشاهد أياً من لوحاتها، حتى لو لم توثقه بإمضائها. تعشق الصحراء، وتبحث في ثنايا المشغولات عن زوايا الجمال وتفاصيل الزخرفة والنقوش. تختزل الشكل ثم تعيد صياغته عبر العقل والوجدان، ثم تعيده إبداعاً لا يشابه الواقع بدقة، لكنه يشعرك بالتطابق إيحاءً. إيقاع سريع في الأداء، لا يحتمل الإعادة أو التعديل، وتناغم لوني وبناء متكامل في توزيع العناصر. استطاعت في كثير من لوحاتها أن تعقد صداقة بين الكتلة والفراغ؛ فكان الفضاء في اللوحة جزءاً من تكوينها.

سيرة ومسيرة وريادة

الاسم: سلوى عثمان إبراهيم الحقيل. بكالوريوس آداب إنجليزي 1980م جامعة الملك سعود. عملت مدرسة لغة إنجليزية لمدة 3 سنوات برئاسة تعليم البنات منذ عام 1981م. عملت مساعدة مديرة مركز الفنون بجمعية النهضة لمدة 3 سنوات منذ عام 1991م. أخذت العديد من الدورات في مجال الفن التشكيلي منذ عام 1986م. أخذت دروساً خاصة من معلمات متخصصات وممارسات للفن التشكيلي، مثل:

ALIX DENZLER, JEANNE BRUBAKER, LIZ BATHAINEH, LEE CHELLEMI.

تقدِّم دروساً خاصة بالتلوين المائي والرسم. شاركت في أكثر من 75 معرضاً جماعياً منذ عام 1987م. مشاركتها غالباً تكون بلوحات ألوان مائية، وأحياناً ألوان زيتية، أو ألوان باستيل. شاركت في معارض جماعية لرئاسة رعاية الشباب داخل وخارج المملكة بين عامَيْ 1987م و2004م. شاركت في بعض معارض الحرس الوطني المصاحبة لمهرجان الجنادرية. شاركت في معارض عدة لجهات مختلفة خارج المملكة، مثل معرض “نوافذ2 - Soglie2” الذي أقيم في روما يونيو 2009، وداخل المملكة مثل (معرض صباح الخير السعودية) في قاعة حوار بالرياض في مايو 2010 و(معارض عين رأت الأول والثاني والثالث) 2011، ومشاركة عين رأت بمعرض لايف إن ستايل بالكويت، وبالمعرض السعودي للفن والأزياء بالرياض 2013.

أقامت المعرض الشخصي الأول “المعرض الأول” عام 2008 في مكتبة الملك عبد العزيز - الرياض. والمعرض الشخصي الثاني “شفافية ألوان” عام 2011 في كلية التربية بجامعة الملك سعود - الرياض - وصاحب المعرض ورشة عمل تلوين مائي.

والمعرض الثالث عام 2012 في قاعة مجموعة الفن والتصميم - الرياض - وصاحب المعرض ورشة عمل تلوين مائي.

حصلت على جائزة المستوى الأول في معرض الفنانات التشكيليات الثاني2003م، ودرع تكريم في معرض الفنانات التشكيليات الأول 2001م، والجائزة السادسة في معرض الفن المعاصر الخامس عشر 1999م، وجائزة اقتناء في المعرض المعاصر الثالث عشر وجائزتي اقتناء في معرض المناطق 1990م وشهادات تقدير عدة من رئاسة رعاية الشباب، ودرع أفضل 9 فنانات تشكيليات مشاركات في معرض الجنادرية الثالث عشر 1997م، وجائزة أولى للمسابقة الأولى للفنون1990م، وجائزة أولى وثانية بالمعرض العام للفنون التشكيلية 1989م.

لها مقتنيات في أملاك خاصة وعامة في المملكة العربية السعودية, وإنجلترا, وفرنسا, وأمريكا, ولبنان, والأردن، وإيطاليا، وكندا.. بعضها عند مشاهير، مثل الأمير سلطان بن سلمان، والأمير تشارلز، والماركيزا ألمبيا ريزاردي.

طبعت منظمة اليونيسيف ثلاثاً من لوحاتها على كروت تهنئة بيعت لصالح أطفال العالم في 11-2001م، الموافق 9-1422هـ.

رسمت غلافَيْ كتابين للشاعر عبد الرحمن الحقيل - رحمه الله - عضو مؤسس في الجمعية السعودية للمحافظة على التراث. عضو في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية. عضو في جمعية زهرة لسرطان الثدي. عضو في مجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه “إفتا”.

- monif.art@msn.com