هل الشهرة نجاح؟ أم هي مقصد؟ وهل للشهرة علاقة بالإنجاز أم أنها ضربة حظ؟
لدينا شواهد عديدة على أن الشهرة ليست مؤشراً للنجاح، وليست مرتبطة بالإنجاز، بل مرتبطة بظروف تتضافر للشخص فتجعل منه نجماً.
في معرض الكويت مؤخراً خرجت علينا هالة الكاتبة أحلام مستغانمي، وما حدث لها ومعها هناك. وبغض النظر عما هو صواب فيما حدث وما هو خطأ، أتساءل: هل هذه الشهرة التي حصلت عليها أحلام مستغانمي بسبب فوز روايتها (ذاكرة الجسد) بجائزة نجيب محفوظ؟!
أم بسبب ما كتبه نزار قباني عن هذه الرواية؟
وهذه الضوضاء التي ترافق اسمها هل أتت من تميز منجزها الكتابي أم من توابع ما حصل بعد روايتها الفائزة؟
هناك أسماء مهمة وفاعلة فازت بجائزة نجيب محفوظ، منهم لطيفة الزيات وسحر خليفة وإدوارد الخراط وهدى بركات، وغيرهم، لكنهم ظلوا في الركن البعيد الهادئ، والجائزة لم تضف إلى مستوى شهرتهم بُعداً آخر، ولم تجعلهم نجوماً قابلين للاستهلاك الضوئي أينما حطوا وحلوا!
إذن، هل يكمن السر فيما كتبه نزار قباني عن الرواية، تماماً مثلما حدث مع رواية (بنات الرياض) حين كتب عنها غازي القصيبي - رحمه الله -. ورغم تقديري للراحلَيْن إلا أن ما فعلاه جناية كبرى على الأدب. والغريب أن كليهما شاعر موهوب في فنه. فما الذي يدفع شاعراً للكتابة عن رواية بدلاً من أن يكتب عن ديوان شعر! وبالطبع فجناية القصيبي لا تقارن بجناية الغذامي حين كتب عن (بنات الرياض) ما لم يكتبه مالك عن الخمر.
والمتمعن في أدب مستغانمي لا يجد عمقاً ولا بُعداً ولا طرحاً متميزاً.. هي كلمات في الحب منثورة على فستان ضيق وشفاف، حكايا رومانسية تشبه ما كان جيلي يقرؤه من روايات الجيب المسماة (روايات عبير). والحب موضوع جميل وثري بشرط أن لا يُستهلك ويكرر ويدور في المجرات نفسها. ليس هناك عمل فني يخلو من ثيمة الحب، لكنه حب حي ومتحرك، ويدور في فلك أحداث فيها عمق وبُعد وهدف. رواية عزازيل - وهي الرواية الفائزة بالبوكر - كان موضوع الحب حاضراً ظاهراً فيها، لكنه موجود في نسيج أحداث الرواية، يحيا بتفاصيل الحياة في الرواية ذاتها، وليس هدفاً بحد ذاته.
هؤلاء الذين يغالون في الكتابة عن كتاب ما، ويكيلون له المديح وفق ذرائع ثقافية باهتة، أو ذوقية تصب في الشخصي، يساهمون بتسطيح الوعي العام، خاصة إن كانوا من صانعي الوعي الجمعي، كالمشاهير والنقاد، فهم يعطون فكرة خاطئة لما ينبغي أن يكون عليه الأدب الناجح، ويخدرون وعي الممدوح؛ فلا يسعى بعدها لكتابة مختلفة أو عميقة، ويظن أنه وصل للعمق الكافي كي يصبح ناجحاً. هم ينمذجون هؤلاء الكتّاب، ويقولون للآخرين هذا هو النجاح في الأدب. ربما لذلك خرج لدينا كمّ هائل من الروايات الرومانسية السطحية المغرقة بكلام حب سخيف، وغاب عن الكتابة عمقها الحقيقي الذي يجعل الحياة مجالاً واسعاً لكتابة نص مؤثر في وعي الناس.
لم نرَ في إنجاز مستغانمي ما يُحمد بعد روايتها الفائزة. كل ما صدر بعدها تنويع على النغمة ذاتها. جناية نزار قباني جعلتها تؤمن بأنها أيضاً شاعرة؛ فرسمت لها ركناً في بوابة أدب بنصوص مستهلكة، لا ترقى إلى وعي صبية لا تزال تجرب.
يا قدري.. يا أملي
يا رجلي من دونِ الرجال
راقصني.. خاصرني.. طيّرني
** ** **
من ديوانها الجديد (عليك اللهفة)، حيث طارت فيه وطيرت به كل ما يمكن أن يكون شعراً!