إلى روحه التي لا تُحب الذوي.. وإليه حين ذوت.. وإلى ذاكرتها التي تحمل وزر مروره بها.. !
وهمان هما على رصيف الانتظار.. تزحف أمانيهما بأقدام حنفاء.. جُرحان هما على صراط النبض لا يستقيمان كما رغبا.. حتى الشهور قد تتغير فــ (شعبان) لقائك بها (ثُعبان) مأزقها فيك!! و(شوال) الذي ولدت فيه بات (شواظًا) لا دخان لروحك عليه!
استهب أفول حياتك معها ودنا؟!.. شوّاف هذا البصر لكنه لا يراك!! وصواع (الشوق) صوامع (شوك) تنكأ يد ساقيها ومُسقيها .. كواكبكما انكدرت .. وشيء تكدر بينكما.. تكسر فيكما.. قم لها أعد للأنفاس رقصتها.. وللشتات لملماته .
لم تركتها تضيع منك وأنت تعلم أن أسئلتها ترمي بشرر لا تؤذي سواها وسواك .. هي من تبحث عنك وأنت الذي لا يبحث عنها إلا في مآذن الرحيل !! لم تُريد أن تحيا بعيدًا عنها قريبا منها.. وأنت تعرف أنها لا تتكاثر إلا بك؟!
الخُطا إليك تتعثر وإليها تتعسر دون أن تلتوي.. يا نبضها، حين لا يفهمك إلاك لا تتردد في الرحيل عنك.. حتى وإن كانت على شفا حافة منك إلا قليلا !
تشكوك لمن.. وهي التي لا تستطيع حتى أن تشكو لك.. أن تبوح بإثم أوجاعها منك.. وهي الأقرب لك - أو هكذا تشعر - وهي الأبعد عنك!
تشكوك لمن وهي لا تبوح حتى بعطشها.. وأنت تعرف أنها تُسقى بأنفاسك.. وحين تتحسس ذويها تقترب منها على عجل.. متى ما فرغت إليها نصبت بتثاقل !
ألم تُخبرك أن الفضاء يتسع بك ويضيق بدونك؟!.. ألم تُخبرك أن كل أصابع الفقد تغرق وهي تُشير إليك في لُجيّ الحنين.. وصوتك يُحيط بها من كل جانب.. حتى إذا سمعت أنين توجعك الخفي هرولت إليك.. وهي تعلم أنها قريبة منك لكن لا مساس لك عليها.. وبعيدة عنك لكنها تتوحد فيك!
ألم تُخبرك أن بعض الغياب عدو.. وأمرتك أن تتخذهُ عدوًا - كما فعلتْ - لم إذن تُقصيها عنك وأنت أقصاها ؟!.. ألم تُخبرك أن الوقوف في المنتصف أرق معتوه.. ونَفَسٌ مغلول براحتيك ؟!.. ألم تُخبرك أنكما تُحبان الأشياء التي لا تجيء أو التي تتأخر عن الوصول للمدى ولا تدرك المنتأى ؟!
ألم تبح لك سرًا - وهي تُمسك ببعضها كيلا تجرح طاووس كبريائك الأعشى - أنها معك تتأرجح مرة لا تعرفك وكأنها تجهلك.. وأخرى أنت من يدنيها منك ويقصيها عنك .. فكأنها نار تفر منها لبروج مشيدة بالنسيان وما تنسى ؟!!
هي لم تعرف أن سنتين ستضيع في يوم.. وأن اليوم سيضيع في الانتظار.. وأن الانتظار حدائق للتفاح وحرائق لها.. ألم تخبرك أن وسوسات الغياب جنائز لم تُدفن بعد .. ورائحتها شُيعت في سراديب روحك ولمّا تزل ؟!.. تركتها باختيارك وأنت تعرف أنها الأمسك بك قوة ولطفًا.. ركنتها لزوايا تضيق حشرجاتها بها وتتسع بك !!
فطام أنتما.. بلغتما أشد التيه.. وتُل وجعكما على جودي الرحيل.. دون أن يستوي على ناصية الحرير.. ألا إياب ؟!.. يارب أعد لها بعضها / كلها.. أعد لها بهجة أرهقتها قترة الهجر.. وآلمتها صهيل الحنين حين يحمحم برائحتك .. أعد لها روحا كلما دنت منها فرت من قسورة القرار!.