صحوي قبل الصحوة
كان الشيخ عبد الرحمن الدوسري هو أبرز شخصية صحوية سابق على حدث الصحوة، وفي يوم واحد عام 1966 رأيته في مسجد وزارة الدفاع في الرياض يخطب الناس ظهرا، ثم رأيته في المغرب في حديقة البلدية، وكان همه المطلق هو مهاجمة التيار العروبي، ولم يغب عني صوته يجلجل (فظافر صاروخ وقاهر ناصر) وهو شطر بيت من قصيدة طويلة لم أعد أتذكر منها غير هذا الشطر وفيه يشير إلى الصواريخ المصرية التي صنعتها مصر في الستينات وكانت تحمل تلك التسميات وفي البيت تورية استهزائية في عبارة (قاهر ناصر)، ولم تمر التورية بسلام معنا لأنها تثير غضبنا وحفيظتنا، وفي العموم كنا نغادر الصفوف حالما يشرع في خطبته ولقد التقطت هذا الشطر وأنا في طريقي إلى باب الخروج، ولا شك أن كراهيته للقومية شكلت حاجزا نفسيا عندنا، وإن كانت شرائحنا تغادر مغضبة من هجماته فإن غيرنا يغادر إما لدواعي الوظيفة (في مساجد الوزارات ـ كما كانت عادته في الظهريات) أو لأغراض التنزه والدعة إن زار الحدائق مغربا، ولا يبقى معه سوى قلة ليس لهم علاقة بالأيديولوجيا القومية، ولكنه مع هذا كان يشكل ظاهرة مختلفة عن سائر خطابات الوعظ، فخطابه جماهيري ومسيس، ولكنه لم يصنع أثرافي جيلنا لتناقضه مع روح مرحلتنا وعدم وجود أتباع يسندونه حتى لقد كان يتحرك منفردا ويكاد يحكي منفردا، وإن وظف كل وسائل التأثير الصوتي والعلاماتي مستهلما الشعر واللغة المحكية مع البساطة في المظهر والتصرف، وهو بكل تأكيد شيخ تقي متحمس ومخلص لمهمته، ولكن الظرف لم يكن معه،والأسماع لم تك في مجاله الصوتي، أي لم يك الزمن زمنه، ولا الحشد حشده.
- عبدالله الغذامي