الناشر: منتدى المعارف، بيروت 2014
الصفحات: 238 صفحة من القطع العادي
يتناول هذا الكتاب مسيرة تحديث المجتمع الليبي، وهي مسيرة - كما يشير المؤلف - بدأت على نطاق ضيق، منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر» اقتطعت منها حقبة معينة وهي الحقبة التي بدأت بالانقلاب العسكري في اليوم الأول من شهر أيلول - سبتمبر من عام 1969 الذي أطلق من قاموا به اسم ثورة الفاتح. قام بالانقلاب حفنة من صغار ضباط الجيش بقيادة ملازم ثانٍ اسمه معمر محمد عبد السلام أبو منيار. ينتمي معمر إلى قبيلة القذافة، واشتهر فيما بعد بالقذافي أو العقيد.». ثم يتناول مفهوم الخيمة في ثقافة القذافي وتأثيراتها على فكر سياسي واجتماعي فوضوي تعمد تفكيك مفاصل الدولة وتحويلها إلى لجان شعبية وكتائب أمنية تخدم سيطرته المطلقة.
فمنذ تسلم القذافي السلطة وإمساكه بزمام الأمور كاملة في عام 1969 أطلق عبارته التي أمست شعاراً ليبياً :»انتصرت الخيمة على القصر» (قصر السنوسي).
وخلال فترة طويلة تجاوزت الأربعين عاماً، أسهمت هذه الثقافة في تشكيل الإنسان الليبي وخلق قيم أعاقت التحديث والتطور، فبسبب التشويه الذي زرعه القذافي طوال حكمه والمتمثل في تعزيز القيم التي تُعلي القبيلة وتمجد البداوة، تلاشت مقومات الدولة الحديثة أو تم تهميشها عمداً.
كما ذابت شخصية الإنسان الليبي في القبيلة عبر برامج عمدت إلى بعثرة الحياة الاجتماعية الليبية. «على الرغم من ضخامة الاستثمار في تنفيذ برامج تحديث من بناء مصانع وطرقات ووحدات سكنية ومؤسسات التعليم والصحة الخ»، إلا أن الشخصية الليبية انكمشت وتخلفت عن الشخصية الحديثة التي كان ينبغي أن تكونها. فمن الاقتصاد الريعي إلى ترييف المدينة وتراجع التعليم ثم عسكرته..».
ثم يتناول موقف النخب الثقافية التي وصمها بالنفاق والمجلدات التي دبجوها تمجيدا لكتابات القذافي وطموحه الشخصي المريض على حساب شعب كامل. مستعرضاً تاريخ السلوك غير السوي للقذافي حيث يقول إن الدراسات النفسية أكدت أنه شخصية سيكوباتية تتحكم فيها الغريزة وتعظيم الذات بشكل هستيري، يعزز هذه الصورة سلوكيات ومواقف القذافي الاستعراضية في المحافل الدولية والعربية التي كانت مثار تندر واستغراب العالم. ( دخوله إلى القمة العربية في القاهرة عام 1970 حاملاً مسدسه، وتعمده لبس قفازات في المغرب كي لا يصافح الملك الحسن الثاني، وتدخينه السجائر علناً في اللقاءات والمؤتمرات العربية، وصولاً إلى الأزياء الإفريقية المبهرجة التي يتدثر بها في جلساته وجولاته، ثم الموقف غير العقلاني أمام العالم عندما مزق ميثاق الأمم المتحدة وهو على منبرها عام 2009).
«ويفترض أن تأثيره في الأحداث الليبية انتهى يوم مماته في 20 - 10 - 2011. لكن يبدو أن تأثيره سيستمر لفترة طويلة على الرغم من أن الموت غيبه عن ذلك الموقع المتميز الذي احتله في شاشات التلفزيون الرسمي طيلة الفترة الممتدة من الأول من شهر أيلول - سبتمبر 1969 إلى يوم 22 - 8 - 2011 وهو اليوم الذي توقف فيه البث الرسمي، فبعد مقتل القذافي طفت على السطح أنماط سلوك عبارة عن نسخة كربونية لما نفذته لجان القذافي الثورية وكتائبه الأمنية، وهكذا غاب الرمز وبقيت آثاره واضحة في أنماط سلوك يومية بين أبناء المجتمع يتم التعبير عنها بمختلف الأشكال».