تقول لبعضها -حين تيأس منك- إن حُبك لها كملامح الوليد لا تستقر أشباههُ.. لتغفر لك إثم ظنونك وحرور غيابك الذي لا يُشبه ظلال حضورك فيها!
ملامحها ليست شبلا من أسديتك عليها.. لأنها أنثى حين أحبتك وهبتك كل شيء.. وحين أمسكت بيدك توضأت روحها بزنجبيل مزاجه اختلط ببعضيكما.
كانت تُبصرك قبل أن تراك.. وحتى حين نظرت إليك كانت لا ترى سواك.. فكل الوجوه أنت.. حتى نفسها حين تنظر إليها في المرآة تستبد أنت فيها!! هذا الحب إما أن يقتلك أو يُحييك مرتين بحذر!
ألم تهمس لك -بحواسها كلها- أن الابتسامة في أحايين تكون مكياجًا للخيبة على وجهها.. حتى لا يشعر بأثرك فيها أحد!.. ثمة أشياء يا نبضها تنبت فيها دون أن تسقيها لها.. وأخرى تسقيها لكن تُرهقها صعودًا.. وأنت من السنابل التي لا تموت فيها مهما ظمأت إليك تتجذر فيك ولا فكاك!
سنتان من الشغف هل ستغدو دون أن تتعلم كيف تمشي الهوينى؟! ما أكبر الفجيعة حين ترتبط بمن نُحب.. بمن لا نتوقع منهم خذلانًا..!
اتسع يا صدرها اتسع لأن تلك اليد التي امتدت لها ما زلت ترتعش بذكراه وبقاياه وشجن لومك لها وكأنك أنت الذي لا تُريد وتُريد!
صافحتك روحًا بروح.. ونَفَسا بِنَفَس.. وشغفًا بشغف.. ثم توليت عنها إلى ظل الرحيل/الغياب!
خذها فداك هي إلا حزنها فهو لها.. لأنك لبستَ فستانها الذي حاكته لك بدموعها العذبة استثناء لك.. ولبست هي الحداد حزنًا منك لا عليك!
حادٌ هذا الغياب لا يبترُ سواها ولا يُغمد وجعه أبدًا.. يتجدد كلما أقبل المطر وأدبر! ليست المرة الأولى التي تأفل عنها -وهي الأخبر بك- لكنها كانت الأقسى..
في غيابك كانت تُسميك (نَهَرَا) تتفاءل بك حتى في غيابك الذي ربما تنفجر قسوته لفرح سمين يشرب منه كل صبّ فيلقى صبه/نفسه/ أناهُ!
كُنت تفرحها بأبسط الأشياء حتى وإن أوجعتها بفرقعة أصابعها العنيدة مثلك!! وكنت تسوؤها حين تطلب منها أن تبتعد عنك لأجلها لا لأجلك!!..
أخبرها علنًا -فهي لا تسمعك إلا حين تصرخ فيها- مِزلاج مزاجك متى يتنازل عن باب صدفك عنها لأجلها؟!!
دخولك في حياتها فجأة لا يسعه فرحة طفل أضاع أمه أيامًا ثم وجدها وحين عانقها ماتت.. هكذا كان خروجك منها تماما: ولادة واحدة وموت يتجدد بطعنات الرحيل.. فجيعة ثكلى هذا الدخول والخروج!
ألم تُخبرك أن الحديث معك يختلف عن الحديث عنك؟!.. قارورة روحك يا نبضها انكسرت.. وشظاياها عالقة بك حذرة ألا تجرحك وهي تحرسك!
سنتان اختصرها مشهد حالم ونَفَسان وعينان يضيق الوقت بهما.. نادتك وتجاهلت شفتيها وهي تتلو عليك رياحين الوله.
تلفتَ قلقًا إليها كي تطمئن ألا أحد يُقبّل أثرك أو يأخذ منه لغيرها! وهي تعلم أنك كنت تسير وتدفن أثرك خلفك كيلا تلاحقك فراسة ويلاتها/أنفاسها..!!
كانت تقول في نفسها وهي تكوم حزنها: «ليتني فيه لم أكن يومًا.. حتى إذا ما فرق القدر بيننا لا يحزن عليّ ولا يشتعل حنينًا».. أرأيت ما ألطف أنثاك حتى ذكراها فيك لا تريد أن تتغور كيلا تؤذيك بمعارك الحنين...!
حين تغضب منك تقول عنك: هو رجل يعشق أن يُعلق أنثاه، ولا يُطيق عنها رحيلا.. ثم تستدرك: لكنه يزحزحها.. يؤججها.. يؤرجها بين قفزتين لا تلتقي بهما إلا في عنق المشنقة!
عصفوران هما بجناحين تقاسماه ذات خيبة.. لكنهما يلتويان حول نفسيهما باتجاه الحفر يمين معابرهما المغلقة! سراب.. ظمأ.. عطش.. حزن المآتم على المآتم أنتما!!
تُناديك كثيرًا وهي تعلم أن المسافة بينكما قاب عناقين/وجعين بل أدنى.. ولات مَنْ يسمع!..
علمها كيف تكفكف خيبات خذلانك لها.. علمها كيف لا تشعر بك.. وأنت شِعرها وهي شَعرك الذي تُحب أن يكون طويلا أسودَ كامتداد المسافة بينكما.. بغيمات ماؤها محبوس عن القطر لأرض تنتظر وتخاف عجاف يوسف بعد رؤياك! علمها كيف تكون رصاصة لا تقتل نفسها بانتظارك..!
يا أنت جيوش حنينها إليك تركض لهفى وما تشتكي تعبًا ولا نصبًا.. وحنينك إليها يتئد نبضه ويغتسل على مهل بزمهرير الهجر!
في اللحظات الأقسى نتوهم حتى لا نَهتم. مسمومٌ أنت بالغياب وشمس غيابك تسبق أفول إشراقك!! أنت لا تستقر فيها إلا حين تكورها على عجل وكأنك ولدت فيها مضطرًا ومضطربًا!! يا أناها، أناني أنت هل يكفيك اعترافها؟!
احتفلت بك مرتين.. ما سر هذا المثنى معكما: سنتين، جرحين، وجعين، نَفَسين، شبهين، عيدين، انتظارين.. أتراه شغف هو الآخر بكما؟ أم أنه يسخر منكما؟ أم أنه سر لا يقبل القسمة على ثالث ولا يُعزز به؟ أم أنكما مثنى لا يضاف إلا لنفسه!!
أخبرها بتريث عن أي الطرق تلك التي تجيء بها إليك.. حتى (روما) حيرى هي الأخرى في طريقها واتجاهاتها.. أشر إليها على أي جذع فيك يتسع لها لتبكي عليه بعد أن أصبح صدرك وطنًا وسنانًا! حتى الحب له أجل مسمى كاسمك الذي ما اتفقتما على شيء ككره أضداده..!!
صوت الفرح مبحوح بالغياب/بالعتاب.. وصوت فرحها بك خائف يترقب على وجل.. وغائب يتأهب على عجل.. يا أناها كل الرجال في حياتها عابرون إلاك.. أنت فيها إلى يوم يُبعثون.. وهي على العالمين محرمة إلا عليك!
عُد لها فهي تؤمن بكل شيء إلا رحيلك عنها.. وبحق توسلها لك عُد لها.. هي لا تُحب الآفلين عنها.. وأنت لست بآفل فيها!
فاصلة لا تقبل التأجيل:
- عيدان أنتما بلا أهازيج..! أفق يا فؤادها فصوت النأي نعي!
- شاب شعر رأسك وفاء.. وشاب فرح انكساركما على أفنان (غرناطة).. لا (الأندلس) رجعت ولا (أنت)..!