ثمة مقولة تتردد دائما عن المجتمع السعودي بأنه الشعب صاحب (الخصوصية). تلك الخصوصية مرروا من خلالها مايريدون، الخصوصية التي عرقلت أشياء كثيرة، الخصوصية التي يقبع تحت ظلالها كثيرمن القضايا الشائكة كعمل المرأة وقيادة المرأة وبطاقة المرأة وعلى ذلك قس ..! فماهي هذه الخصوصية؟ وهل لازالت صامدة؟ وهل نحن فعلا مجتمع ذو خصوصية؟ هل نحن مجتمع محافظ ومتكتم أم مجتمع متعطش للظهور؟ مع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع أن تعرف وهم تلك المقولة وزيف ظلالها، فأنت تستطيع أن تعرف كل حدث يمر بحياة أحدهم عن طريق الصورة الرمزية لمعرفه في الوتس أب، أو عبر قراءة الحالة، فتتغير الصورة نوع من الإعلان عن خبر ما سواء أكان سفرا أو زواجا أو حتى وفاة! لدرجة أنك تستطيع أن تستشف خبرا ما من خلال صورة الوتس اب وتستطيع أن تعرف ماذا حدث من خلال رصد الحالة، تستطيع أن تدرك أنه سافر أو عاد أو مر بأزمة أو تعافى منها، كل ذلك يحدث من خلال قراءة حالته في الوتس أب، بل أنهم أحيانا يرسلون رسائل لآخرين عن طريق صورتهم الرمزية والصورة المرفقة (أنا غاضب! أنا حزين! أنا أتعالى عليك! أنا أحبك !) وكلها مرمزة ومعروف من سيقرأها ويحلل شفرتها! أحيانا بعض الصور المرفقة في (التانغو) ترشدك إلى هوايات الشخص، وفريقه الرياضي المفضل وحتى الاتجاه الفكري الذي ينتمي إليه، بل أنك تستطيع أن تعرف أين هو الآن وأين كان قبل قليل من خلال برنامج الـ (check-in) لذلك مخطئ من لايزال يصدق (وهم الخصوصية) التي أشغلونا به زمنا طويلا! ثورة هذه الوسائل تكتشف النهم الشديد للإعلان عن الذات في المجتمع السعودي بكل الوسائل الرمزية الممكنة، فهل نستطيع القول أن مجتمعنا السعودي لايزال يحتفظ بخصوصية ما !أو أنه مجتمع متكتم ولايميل للإعلان عن ذاته! أنا أرى عكس ذلك تماما، نحن مجتمع يتوق للإعلان عن الذات، مجتمع يحب أن يتكلم بصوت مرتفع، مجتمع يصرخ بما يريد لكننا لازلنا نستخدم في ذلك وسائل رمزية! حتى على مستوى المثقفين في وسائل التواصل الأخرى تستطيع أن تتنبأ بحالتهم النفسية بما يمرون به من أزمات، كل هذا نوع من الإخبار لكنه إخبار يتلبس رداء الإبداع، إذن هناك كثير من المقولات الخاطئة التي كمم بها مجتمعنا حتى يكتسب صفة ما منها أنه (مجتمع له خصوصية ) فهل لازالت هذه الخصوصية شرنقة مغلقة أم أنها تحولت لكائن ملون يطير من فضاء الوتس اب إلى ساحة توتير والفيس بوك والتانغو وتشكإن! هل لازلنا متعلقين بهذا الوهم في ظل هذه الثورة الكبيرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعطينا فكرة واضحة عن هذا المجتمع المحافظ والمنغلق وصاحب الخصوصية. هذه الوسائل هي مجهر يقرب الصورة على كل مانعاني منه كمجتمع، فهذه التي تقاتل بشراسة في قروب ما ضد الانفتاح داعية للحفاظ على خصوصية الشعب السعودي تراها تضع تحت معرفها صورة رمزية تشير لرغباتها وماتتمنى وممكن أن تذيل ذلك بعبارات ملساء ناعمة تشير إلى مدى رهافة حسها، وذلك المنفتح الذي يدعو الليبرالية تجده ينحاز للنظرة التقليدية والرجعية للمرأة ويراها غرضا للمتعة لا أقل ولا أكثر! وذلك الذي يدعو لله ويضع روابط للدعاة والوعاظ، تجده أكثر المتواجدين طائفية ونزوعا للفرقة. نحن مجتمع لايحب الخصوصية، بل مجتمع يتسلط على الخصوصية ويفتتها بأكثر الوسائل رمزية وخداعا.