محمد المجرشي يستعيد جماليات مـختزله البصري ألواناً وخطوطاً ليبني بها اللوحة
أشرنا في صفحات سابقة إلى أننا نسعد بتقديم جيل الفن التشكيلي الشاب بقناعة تامة بأن هذا الزمن هو زمنهم مع ما نحتفظ به لمن سبقهم من الفنانين الذين أسسوا الحراك التشكيلي السعودي وأصبحت اساليبهم مدرسة ينهل منها الأجيال.
واليوم نستقبل الفنان الشاب محمد المجرشي ضيف في الصفحة التشكيلية في المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة، أحد الشباب الواعد والمؤمن بمواهبه والحريص على تطوير ذاته، شاب يعشق كل صنوف الإبداع متعدد المواهب، يمتلك القدرة على الأداء وإقناع المشاهد جسداً وايماءات وتعبير عن الفكرة على خشبة المسرح، كما هو أيضاً فنان تشكيلي يحيل اللوحة إلى مسرح حر يمارس فيه كل تداعياته وأفكاره ويوزع أدوار ألوانه وخطوطه ويوزع أضواءه وظلاله ويتحكم في الفراغ والكتلة.
محمد علي مجرشي
مواليد: الرياض.
موظف حكومي.
الدورات: دورة مرتادي المرسم 4 سنوات، دورة تصميم داخلي، دورة الإخراج والتمثيل المسرحي، عدة دورات بنظام الساعات في استخدام الألوان وتقنية الجرافيك.
عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية
عضو جمعية الثقافة والفنون.. الرياض منذ 1416
عضو جمعية المسرح.
المشاركات
معرض مرتادي المرسم 1418 معرض الغرفة التجارية معرض مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة سنوياً حتى عام 1434معرض الإبداع الفني إدارة تعليم الرياض، معرض الفن النقي (الواعدين الأول)، معرض وزارة الثقافة والإعلام معرض بيوت الشباب. الرياض معرض نادي الهلال معرض جسفت.. الرياض معرض البيلسان.
معرض الملتقى الثقافي، معرض النادي الفني، معرض النادي الأدبي.
المشاركات الخارجية: معرض الملتقى العربي سوريا عام 1416معرض قطر الخليجي الثقافي.معرض الملتقى الثقافي مصر شارك في ورشة فنية تشكيلية كثير في مختلف مناطق المملكة والدول المجاورة.. مصمم ومهندس إضاءة مسرحية حصل على عدة جوائز ومقتنيات داخلية وخارج السعودية بلجيكا.. أمريكا.. قطر.. مصر.. أمريكا.. فلبين.
بين الواقع والخيال تسكن الإيحاءات
يتحرك الفنان محمد المجرشي بديناميكية لا تمنحه التوقف أو التراجع يصر على أن يكبح جماح اللوحة بإيقاعاته المتسارعة يتكئ على خبرات وتجارب واقعية لم يسمح له واقع الفن الحديث بمنح المشاهد فرصة للاطلاع على إمكاناته في نقل الواقع بالأسلوب التسجيلي الذي لا يمكن لأي فنان إلا ويمر به، أخذته موجة التحديث إلى عالم التفاعل مع ومضة الفكرة التي تتراءى له في لحظات لا تقبل التردد أو التوقف بقدر ما تحتاج إلى التنفيذ السريع، شخوص وأمكنة وأحاديث وذكريات فيها المر وفيها الحلو جمعها ومزج أصواتها بأجسادها فأعادها رموزاً تأخذ مكانها في اللوحة مستقرة من خلال التكوين المتلاحم وأحياناً تنفر وتكسر قيدها لتصبح مساحات هنا وهناك، في كل جزء منها معنى، وفي كل لحظة انفعال وارتعاش فرشاته وإنشاء ألوانه معاني وتفسيرات تبقى في قلب الفنان المجرشي.
في لوحاته إشارات تأخذ المشاهد والمتلقي إلى ما هو أبعد من المرئي الذي تعودنا عليه كشكل مباشر يحتفظ بالملامحِ ويترك للخيال جمع الفكرة ووضع كل جزء في مكانه، يحرص على المغامرة في لجج الحداثة لكنه يحرص على الهوية والانتماء للموروث وللمجتمع.
اشعر أنه مسكون بمحيطه الحاضر فكراً والماضي أشكالاً ورموزا تحتضنها ذاكرته البصرية، تجارب آخرين.. وخبرات خاصة.. وممارسة متواصلة، هذا هو مثلت الإبداع.
يعي الفنان محمد المجرشي رغم صغر سنه أهمية السعى إلى بناء علاقة بينه وبين مجتمعه العام أو المتلقي المثقف، يمنحه الجميع مفاتيح قراءة لوحاته؛ فهو عندما يرسم حصانا يستجمع المعنى لهذا الرمز قبل أن يحيله إلى عنصر، فالحصان رمز للصبر والعطاء والتحمل مع ما فيه من جمال. لكن الفنان المجرشي يستحضر ما هو أبعد من الشكل المباشر ومن التفاصيل والدراسات والتشريح.
يكتب القصائد ألواناً ويتغنى بها
يجمع الفنان الشاب محمد المجرشي بين الصورة المرئية في عناصر اللوحة بالصورة المتخيلة لما تعنيه، تجدها أحياناً صعبة الفهم لمن لا يحمل الثقافة البصرية وأحياناً يمنح المتلقي نوافذ يطل بها على المعنى مع احترام رؤية المتلقي ورأيه.
تشعر أحياناً أنه في اللوحة قصيدة نثرية، قوامها الألوان الحارة السمة الغالبة روح الشباب وطموحه، مع حضور للألوان الباردة مزيج متعادل، في أحيان كثيرة وتنافر في البعض منها، تكشف أن الفنان المجرشي غير مقتنع بما يقدمه، فهناك الكثير من التجارب تملأ عقله وتحرضه على الإبداع.
تجارب تمتلك الثقة وتخشى التراجع.
الجميل في عالم الشباب القادم إلى الساحة قدرتهم على التحكم في مسارهم بين الخوض في التجارب المعاصرة التي انتشرت في العالم وبين متطلبات مجتمعهم الذي يحملون له رسالتهم الفنية، ومع هذه الثقة إلا أن الخوف يراود الكثير منهم حيال قدرة المجتمع على هضم وجبتهم الجديدة التي يمثل الكثير منها وجبات سريعة فقد لا تستساغ، وقد لا تشبع وقد تنتهي صلاحية مكوناته فيصبح الفنان في موقف حرج بين الاستمرار على ما اختاره من طريق وبين العودة إلى البدايات مع بعد المسافة وصعوبة التراجع، لقد أصبح الفنان التشكيلي في العالم العربي عموما، وأخص هنا الجيل الجديد يبحث عن إجابات للإشكاليات التي تواجه اللوحة العربية في عالم الرؤية الأوروبية لمعنى المعاصرة.
نعود لضيفنا الفنان محمد المجرشي الي يمثل واحدا من آلاف الفنانين الشباب كأنموذج لحالة الإبداع المتميز في جانب تطوير الذات والبحث عن خصوصية وإصرار على الحضور في اللوحة رغم تباعد فترات ممارسته لتنفيذ اعماله التي تكشفها الفوارق بين مجموعة وأخرى، يتنقل فيها كما اشرنا انطلاقا من دماء ساخنة تمتلك مخزون إبداعي لا ينضب، وهذا مأخذ على التشكيليين الشباب ونعني بذل عدم الصبر على التجربة حتى تنضج، ويمكن القول إن أعمال الفنان المجرشي تحمل تلقائية تأثيرية بالاتجاه إلى تبسيط العناصر وتوزيعها بما يملأ سطوح اللوحة.
تناولنا في هذه القراءة وما سيعرض من صور بعض من ملامح مجموعته التشكيلية تشكل تجارب متداخله تجمعها قواسم مشتركة أهمها اللون منها ما قام بتنفيذه في ورش مشتركة ومنها أعمال نتاج مرسمه.
هذا ما تظهره طريقة توظيف عناصره وعلاقتها بالعناصرمهما تنوعت اعماله في الفكرة والموضوع ، من لوحة لأخرى ليعطينا في كل مرة انطباعا متقاربا شكَّل له بهذا التقارب عائلة واحدة كلها تعود إلى شخصية محمد المجرشي.