تثير قلة الخطاطات السعوديات في مشهدنا الثقافي قياسا بمثيلاتهن من التشكيليات مثلا التساؤل لدى المرء حول سبب هذه القلة هل هو بسبب طبيعة فن الخط وما يكتنف تعلمه وإتقان فنونه من صعوبات، أم أن الأمر ناتج عن ضعف الاهتمام برعاية الخطاطات من قبل مؤسساتنا التعليمية والثقافية، وكذلك الأسر والمجتمع، أم هو نتاج عدم وجود مناهج دراسية تعنى بالخط، أم أن الأمر وليد هذه الأسباب مجتمعة؟
بنظرة إلى واقعنا التعليمي والثقافي نجده للأسف يفتقر لجميع مقومات صناعة خطاطين محترفين فما بالك بصناعة خطاطات مع الالتفات إلى أن فرص الخطاطين في تعلم فن الخط وتطوير مهاراته عبر المتابعة مع أساتذة مختصين بحسب ما تفرضه عادات المجتمع هي لدى الشباب أكثر منها لدى الفتيات.
ولا نعرف لم يغيب عن وزارتي التربية والتعليم والثقافة ومؤسساتهم مشروع تبني الخطاطين الموهوبين بوجه عام والخطاطات الموهوبات بوجه خاص؟
فلا مدارس ومعاهد لدينا خاصة بتعليم هذا الفن الإسلامي الراقي والذي لا يزال يثير الإعجاب والتقدير ويستقطب لتعلمه في العالم العديدين، ولا مختصين بهذا الفن للأخذ بأيدي الموهوبين والموهوبات يتم استقطابهم لهذا الغرض، إضافة إلى غياب مناهج تعليمية قوية تدعم هذه الموهبة، أو مسابقات دورية ومعارض وكل ما من شأنه المساعدة في النهوض بموهبة الخطاطات والأخذ بأيديهن للمشاركات الدولية.
وقد قرأت قبل فترة تصريحا للخطاطة اليابانية المسلمة نورة نوبوكو ساجاوا أستاذة الخط العربي والفن الإسلامي والمحاضرة في جامعة واكو وجامعة أوساكا والتي يذكر الخبر أنها تتقن الخط العربي بأنواعه الستة «النسخ والرقعة والثلث والديواني وجلي الديواني والتعليق الفارسي، تقول في تصريحها بأن:» الخط العربي صعب جداً، وكم مرة ندمت لأني تخصصت في هذا المجال، لكن حبي للخط العربي منذ كنت في السابعة من عمري، كان الدافع الكبير لمواصلة المشوار»، إذا ساجوا رغم حاجز اللغة تمكنت بفضل إصرارها وعزيمتها وكذلك وجود من يأخذ بيدها لتعلم هذا الفن الصعب وإتقان مهارات الخط العربي بكافة أنواعه، فماذا سيحدث يا ترى لو توفر لبعض موهوبات الخط لدينا ما توفر لساجوا؟
كما أنه من غير المقبول أن وطننا الغالي وهو مهبط الوحي ومركز العالم الإسلامي، والذي يضم أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف»مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة»، والتي تستقطب أهم خطاطي العالم غير أنه لا يضم في المقابل مدارس ومعاهد متخصصة لتعليم ورعاية الخطاطات والخطاطين.
وفي سبيل الحصول على رؤية أوسع حول أسباب المشكلة أحببت توجيه السؤال لذوي الشأن من الخطاطين حول السبب برأيهم في قلة الخطاطات السعوديات ؟
فأرجع الخطاط عباس بومجداد السبب إلى عدم وجود معلمي خط أكفاء، إضافة إلى قلة الوعي الاجتماعي بأهمية هذا الفن واصفا الخطاطات بأنهن شبه نادرات ، وقال نسعى في مركز النخلة في الأحساء لتصحيح الوضع عبر إعداد دورات متخصصة وبرامج عامة في فن الخط في سبيل خلق جيل من الخطاطات، مشددا على أهمية أن نتعاون بهدف تنشيط هذا الجانب بشكل أكاديمي يتيح للخطاطات الوصول للمنافسة على المستوى الدولي. مؤكدا بأن الموهبة في حاجة إلى صقل وتطوير وخير ما يساعد على ذلك هو حضور الدروس والورش ودورات الخط أو المتابعة مع أستاذ خط مختص عبر أي وسيلة تواصل حتى لو كانت الكترونية. لافتا إلى أن هذا هو المتبع في الأحساء لصعوبة التواصل المباشر إلا في حالات نادرة من خلال دورة. مشيرا إلى أننا نسعى لتنظيم دورات نسائية في الخط في الفترة المقبلة.
فيما عزا الخطاط إبراهيم العرافي السبب إلى أنه في السابق لم يكن لدى الفتيات إقبالا ووعيا بأهمية الخط خلاف الوقت الحالي، مرجحا بأن سبب عدم الإقبال في السابق يعود لقلة الأدوات والمعرفة وحيرة الفتيات لمن يذهبن كي يتعلمن الخط لافتا إلى توافر دورات حاليا في جدة، ومعرض إثراء المعرفة الذي تقيمه أرامكو.
وقال بأن التعليم العام لم يعد يحوي منهجا تحت مسمى خط عربي، ولدينا توجه للتعاون مع وزارة التربية والتعليم لبعث التوجه لإعطاء مادة الخط العربي في المدارس من جديد بطريقة صحيحة، كلاسيكية بحيث أن كل طالب موهوب يتم اكتشافه عبر هذا المنهج، مؤكدا وجود مواهب بحاجة لمن يرعاها.
أما الخطاط سعود خان فرجح أن يكون سبب قلة الخطاطات أن الكثير من الفتيات يأخذن دورات في الخط لكنهن ينشغلن بعد ذلك في متطلبات الحياة الاجتماعية، الزواج ، الأبناء، الوظيفة.
وذكر بأنه في السنوات الأربع الأخيرة أصبحت تقام لدينا شهريا في جدة نحو دورتين في الخط العربي بعد إنشاء نادي الخط العربي، كما أصبح لدينا خطاطات على مستوى المملكة يشاركن دوليا، مشيرا إلى أن دورات النادي قصيرة لا تتجاوز مدتها 4 أيام ويعطى من خلالها أسس الخط. مؤكدا بأن الفتيات أكثر إقبالا في الفترة الأخيرة على تعلم هذا الفن.