–1–
عرفت الزميل العزيز الأستاذ الدكتور: حمد بن ناصر الدخيّل، منذ ما يقارب نصف قرن إذ التقينا في كلية اللغة العربية بالرياض عام 1385هـ وكنت قد سبقته إليها بعام واحد ومنذ ذلك التاريخ ونحن أصدقاء أوفياء.
توطدت العلاقة بالأخ الدخيِّل عندما عملنا معاً في مجال التدريس بمعهد الرياض العلمي، والمعهد في حقيقة الأمر جامعة كبيرة طلاب نجباء ومدرسون جادون مخلصون بقيادة مدير المعهد معالي الشيخ الدكتور: عبدالعزيز بن عبدالرحمن السعيد، ووكيل المعهد ثم مديره معالي الشيخ الدكتور: صالح بن سعود العلي، ونخبة من المشايخ والمدرسين، وكان مجال النشاط الثقافي في المعهد ميداناً للمنافسة بين الطلاب بإشراف معلمين ومنهم الزملاء: حمد الدخيِّل، ومحمد الدبل – رحمه الله–، وعبدالعزيز الفنتوخ، وإبراهيم الجوير، وعبدالعزيز العنقري، وعبدالرحمن الحسين ... وغيرهم كثير. وفي هذا الجو العلمي والثقافي توطّت العلاقة مع الدكتور الدخيّل، ثم عملنا معاً في إدارة جامعة الإمام في أيامها الأولى عندما حوّلت الرئاسة العامة للمعاهد والكليات إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فكنا معاً في مبنى إدارة الجامعة القديم الواقع على شارع البطحاء إذ أشرفت على إدارة (الدراسات والمعلومات)، ثم (إدارة البعثات)، وأشرف أخي الدخيّل على (إدارة المنح وشؤون الطلاب) عام 1395هـ.
ثم بعد ذلك أعضاء هيئة تدريس بكلية اللغة العربية إلى أن أحلت على التقاعد عام 1426هـ وكان قد أحيل قبلي عام (1424هـ)، لكنه استمر في العمل أستاذاً بالكلية على نظام التعاقد.
علاقة راسخة ومحبة وتقدير يجمع بيننا حب (الكتاب)، وحب (العربية)، والاهتمام بـ (التراث).
–2–
سوف أقصر حديثي هنا على مجال واحد من مجالات اهتمام الدكتور: حمد الدخيِّل، وهو مجال اهتمامه بتحقيق التراث وجمعه وتوثيقه فقد كانت البداية عندما سجل رسالة الدكتوراه في (شرح المطرّزي لمقامات الحريري)، وهو شرح لغوي أدبي ضخم، ويعدّ أوسع شروح مقامات الحريري، والعمل في مثل هذه الشروح يحتاج إلى جلد وصبر واطلاع واسع على أمهات كتب التراث الأدبية واللغوية فكان أن عكف الأخ حمد على هذا العمل الكبير عدة سنوات بإشراف أستاذ قدير هو الأستاذ الدكتور: محمد محمد حسين رحمه الله.
ولضخامة العمل لم ينشر حتى الآن مع أن الرسالة أجيزت عام (1402هـ) بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبعها، واستمر الدكتور الدخيّل في مراجعتها وزيادة التعليقات عليها كلما اقتنص فائدة لغوية أو أدبية أو عثر على كتاب مطبوع أو مخطوط يضيف جديداً إلى تحقيقه، وهو بصدد إصدار هذا التحقيق قريباً كما وعد بذلك.
وصحبته للمطرّزي ومعرفته بخصائص أسلوبه ومعجمه اللغوي كل ذلك دعاه إلى تحقيق رسالتين صغيرتين للمطرزي: الأولى بعنوان (فسر المولى وحصر معانيه) وقد نشرها عام (1410هـ)، في مجلة جامعة الإمام (العدد الثاني)، ثم نشرها في كتاب مستقل عام (1412هـ)، والثانية بعنوان (بيان الإعجاز في سورة قل يا أيها الكافرون)، وصدرت عام (1413هـ) ضمن كتاب (بحوث ودراسات في اللغة العربية)، ثم نشرها في كتاب مستقل.
وبعد ذلك حقق رسالة لأبي أحمد العسكري، بعنوان (التفضيل بين بلاغة العرب والعجم)، صدرت عن نادي القصيم الأدبي عام (1418هـ).
وفي عام (1422هـ) صدر له كتاب عن معهد المخطوطات العربية بالقاهرة بعنوان (شعر عبدالله بن أيوب التيمي).
–3–
للأستاذ الدكتور: حمد الدخيِّل، عناية خاصة بشعراء اليمامة عامة وشعراء قبيلة (بني حنيفة) بصفة خاصة، وقد جمع من شعر اليماميين عدة دواوين ومنها:
1 – من شعراء اليمامة المغمورين: عبدالملك السلولي الملقب بـ(تويت): حياته وأخباره وما بقي من شعره، ونُشر البحث في مجلة العرب على حلقتين.
2 – شعر نصيب (الأصفر) اليمامي: جمعاً وتحقيقاً وشرحاً، ونُشر في مجلة العرب على ثلاث حلقات.
3 – من شواعر اليمامة المغمورات: الحجناء بنت نصيب الأصغر اليمامي، ونُشر في مجلة العرب.
أما شعراء وشواعر بني حنيفة فقد أصدر عنهم ثلاثة كتب هي:
1 – يحيى بن طالب الحنفي (130–180هـ): حياته وشعره، ويقع في (190) صفحة، وهو من مطبوعات عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1421هـ.
ويتكون الكتاب من قسمين الأول: الدراسة حيث قدم المؤلف دراسة وافية عن موطن الشاعر وقبيلته وحياته وشخصيته ومصادر شعره، ثم دراسة موضوعية وفنية لشعره، أما القسم الثاني فهو مخصص لجمع شعره وتوثيقه ثم مجموعة من الفهارس الفنية.
2 – حمزة بن بيض الحنفي: حياته وشعره، وقد صدرت طبعته الأولى عام (1418هـ)، ثم صدرت الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة عام (1433هـ عن دار صادر في بيروت في (392) صفحة، ويقع الكتاب في قسمين الأول الدراسة وجاءت في ثلاثة فصول: الأول عن قبيلته وموطنه، والثاني عن حياته، والثالث خاص بالدراسة الموضوعية والفنية لشعره.
أما القسم الثاني فهو لما جمعه من شعر حمزة موثقاً توثيقاً علمياً دقيقاً يدل على دقة وسعة اطلاع وتثبت، ثم ختم الكتاب بمجموعة من الفهارس الفنية.
3 – شعر شواعر بني حنيفة في الجاهلية والإسلام: جمعاً وتحقيقاً ودراسة ، ويقع في (118) صفحة وصدر في الرياض عام (1423هـ) ويتكون الكتاب من قسمين الأول الدراسة والثاني خصصه لجمع شعر شواعر بني حنيفة وتوثيقه.
من هذا العرض الموجز لعناية الدكتور الدخيِّل بجمع الشعر وتخريجه وشرحه يتضح لنا مدى جلده وصبره على تتبع هذه الأشعار، فراجع كمّاً كبيراً من مصادر الشعر القديم لالتقاط قصيدة أو مقطوعة وربما بيت مفرد دونما تعجل في الحكم على صحة نسبة هذا الشعر إلى الشاعر؛ ولذا نجده دائماً يقسم المجموع الشعري الذي يعمل على توثيقه إلى قسمين شعر ثابت النسبة إلى الشاعر، وشعر يُنسب له ولغيره.
ويعمل الدكتور الدخيِّل على مشروع علمي كبير لجمع شعر (بني حنيفة) وتوثيقه، وبلغ عدد الشعراء الذين جمع شعرهم ستين شاعراً من بني حنيفة، وهو جهد جبار وعمل جليل أرجو أن يرى النور قريباً.
هذا هو حمد الدخيِّل ..
قرأ التراث العربي بنهم وتعمّق في أسراره وعرف مصادره ومظانه، ثم اتجه إلى تحقيق عدد من نوادره ونشرها، ثم ركز جهده على شعراء اليمامة فكان السابق المجلي في هذا المجال وإن سبقه ونال ريادة البحث في الشعر اليمامي الأستاذ الأديب: عمران بن محمد العمران، في كتابه (من الشعر اليمامي) الصادر عام 1377هـ/1957م.