هل أفكار الصحوة هي من صنع الصحوة...!!
كل الأفكار التي صاحبت الصحوة هي أفكار موجودة من قبلها (ومن بعدها) وليست من خاصية الصحوة ولا هي من إنتاجها، ومن ثم فليست هي روحها ولا معناها، ولا يصح الادعاء بنسبة الأفكار للصحوة وكأنها صانعة لها ومحتكرة لقيامها، وما الصحوة إلا منظومة حشود، وهذا هو جوهرها البنيوي ولو أزحنا الحشد عنها لما بقي شيء يشكل تيارا.
وكما عرضت لعلامات التحشيد وقوته في صناعة الفاعلية فإني سأعرض لشهادتي عن الأفكار التي صاحبت الصحوة، وهي أفكار قامت قبل الصحوة بعقود، ثم ظلت موجودة حتى بعد تبدل مسار الصحوة، ولقد كان هناك أفكار تأخذ توجها تنظيميا يقوم على النظرية الثقافية الإسلامية وكانت مصاحبة لتيار العروبة واليسارية (زمن الستينات من القرن الماضي)، ولتلك الأفكار منابر ومواقع، لكنها لم تك فعالة مع جيل الشباب تحديدا ولم تك تحظى بآذان تصغي، وفي جيلنا الستيني تجارب مباشرة مع هذه الأفكار وشخوصها تكشف أنها لم تبلغ فينا مبلغ الفكرة العروبية، وهذا لا يعني عدم تديننا، خاصة نحن جيل المعهد العلمي وكنا نجمع بين التدين كسلوك وثقافة وبين العروبية ولا نرى تعارضا بين الإسلام والعروبة، ولذا لم نك نصغي لمن يطرح فكرة التناقض بين العروبة والإسلام أو من يحاول تكريهنا بالعروبة وثقافتها، وفي التوريقات القادمة سأعرض لنماذج تكشف أن الأفكار وحدها لا تغيرك ،ولكن الظرف الثقافي هو الذي ينضج التقبل والتحرك، ولكل موجة ظرفها ولا تنجح بغير ظرفها، والتعاقب بين اليسارية العربية ثم الصحوة مثالان لهذا التصور.