يصعب القول عليَّ وعلى كثير من العلماء المختصين في مجال الدراسات اللغوية.. وكذا: المواهب الفذة في حيز واسع في: القضاء الجنائي/ والتحليل النفسي السريري/ يصعب جداً أن نتبيّن «الموهبة الحقة.. من: الذكاء.. والنبوغ» ما لم نجعل هناك معايير لازمة صوب المعرفة الصحيحة المتجردة هذا: موهوبٌ.. وهذا: ذكيٌ.. وذاك: نابغةٌ، في أسفارٍ كثيرة أجوسُ خلالها مراكز علمية متقدّمة للقاء نوعية من الموهوبين وسواهم ألمح مع غيري من العلماء ذوي الاختصاص الدقيق أن هناك سوء تقدير ولست بقائل سوء فهم هناك خلطٌ بيِّنُ جداً بين: الصفات العقلية وبين الصفات الفكرية.
ومن جانب ثالث: الصفات الجسمية بوجه عام وحين يقنعني بعض المسؤولين أن ذاك المسؤول كان هُنا، كان موهوباً، وها هو يشع حيوية وعمل جاد ومركز، وها هو نجح وبذل وطالت مدته في عمله، ويلزمونني أن هذه نتائج: الموهبة لا الذكاء.. ولا النبوغ.
وحين أعودُ لدراسة عمل المذكور لي أنه: موهوب أفحص ما يلي:
أ. شخصيته العامة.
ب. تربيته المبكرة.
ج. ثروته.
د. سكنه.. وولده.
هـ. عمله الحالي (دون السابق).
و. إنجازاته.. علاقاته.. أخلاقه.
ز. نتيجته هذا كله.
والأخير قد أجلسُ له شهراً كاملاً أجدُ أن هذا «الرجل» ذكي بزيادة طموح وأنه ذو آمال عريضة وحيوي الروح.
وفعلاً له بعض: (الإنجازات) الجيدة وحين أعود أخيراً للتقييم الدقيق العالي الشفافية أجد ما يلي:
أ. ذكي وواعٍ بحاله ومن حوله.
ب. مرن محدود العلاقات.
ج. ذو طموح ومجاملة هادئة ذكية.
د. قد يسهر ليلاً في مكتبه.
وهذه صفات جيدة لكن حين أتعمق في ذلك الأداء وذات النتائج أجد ما يلي:
أ. يُكرر عمل من سبق بدهاء.
ب. يضيف أشياء مكررة لم تظهر من قبل.
ج. جاد مع الإعلام ومركز.
د. حذر.
لكن ليس في كل هذا» مع جودته» ليس فيه: (التجديد النوعي) الذي أصلاً لم يُسبق إليه.
وبسبب غياب فهم التجديد حقيقته وآثاره يتم الخلط بين ما يلي:
أ. كثرة الحضور.
ب. إبراز المنجزات المكررة التي لم تبرز من قبل.
ج. الحرص التواجدي العملي.
وبين:
أ. العمل بصمتٍ هادٍ رصين.
ب. نقلة نوعية سباقة تلفت نظر ذوي الاختصاص العالي الدقيق.
ج. الحرص على إبراز التواجد الفعَّال لنشدان إبراز إضافة لا بد منها لم تحصل سابقات، وهذا ليس وقفاً على الإدارة أو الاقتصاد أو الاجتماع، بل هو سارٍ على العلم أياً كان نوعه.
وهذا مني يلفت النظر لا في تقويم الأداء أو في بذل الجهد لكنه يلفت النظر حيال الإضافة التي قد تأتي عرضاً بسبب أن من يزاول هذا العمل.. أو ذاك إنما هو موهوب ليس إلا هذا، وسوف أدلّل بثلاثة أدلة (حالات) على الموهبة التي قد تكون وصاحبها لا يعلم بها،
أ ابن منظور.حينما وضع كتابه عن المفردات اللغوية حينما وضع كتابه ذاك كان كل ما جاء به معلوماً لدى العلماء لكنه أضاف جديداً ذاك هو: (تفسيره لبعض المواقع في شمال ووسط وجنوب جزيرة العرب). بأسلوب معجز حيوي الطرح.
ج. ابن تيمية العلم به أنه من كبار علماء الشريعة يؤصّل ويقعّد ويدلّل ويعلّل، وهذا كله كان: معلوماً لدى العلماء، بل لعل أبا يوسف والشيباني.. وابن قدامة وابن حجر والقرافي وابن جماعة وابن مندة كانوا أوسع في بعض ما تناوله.
لكنه حينماكتب عن أصل العقل وأنواعه وكتب عن / سياسة الإدارة/ وتناول حقيقة وأصول القضاء أضاف شيئاً أعجز كثيراً من العلماء والدارسين أن يكون أحد أن يأتي بمثله.
وانظر: السياسة الشرعية.
وانظر: الرد على المنطقيين.
وانظر: ما كتبه د. حمد آل فريان/ عن الإدارة عند ابن تيمية.
د. إلكسس كارليل/ كان طبيباً جراحاً، وكان يحب الانزواء, وكان قليل الجهد الإعلامي 1% فقط.
وكان حساساً قد يثير التهم حوله وكان محسوداً في حين مبكر من بعض مرؤوسيه.
فاقتنصته حالة (الانزواء) لإظهار أروع كتاب عن: الحالات النفسية، والعقلية.. ووظائف الأعضاء.. والجراحة وما زال كتابه (الإنسان ذلك المجهول) يدوّي خفاقاً، هذه هي الموهبة الإضافية الفعَّالة بإذن الله تعالى.
من هنا أبدأ ما في ذلك شك إلى أن تعمد الجامعات وذوو العلاقة المباشرة لاكتشاف الموهبة وحجز الخلط بينها وبين الذكاء وبين النبوغ أو قوة الشخصية التأثيرية.