Saturday 15/03/2014 Issue 432 السبت 14 ,جمادى الاولى 1435 العدد
15/03/2014

خطوط حمْر

نعم إنها خطوط حمْر وضعت تحت كلمات وجمل في صورة صفحة من النشرة المصاحبة لندوة قسم اللغة العربية تحت عنوان صحافيّ مثير هو (صدرت عن قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود: نشرة «التراث اللغوي» تعج بالأخطاء)، وليس يهمني هنا الاعتذار عن النشرة أو تسويغ ما وقع من أخطاء؛ إذ من اليسير على المتأمل أن يرى أنّ بعض تلك الخطوط وضعت توهمًا تحت أشياء لا خطأ فيها أو غاب وجه الصواب فيها عن واضع الخطّ كما في (كلمة لرئيس)، و(كلمة للدكتور)، و(وما هذه الندوة الدولية الثانية إلا نتاج نجاح للندوة الدولية الأولى) ، وبعضها أمور يسهل تفسيره بما تستوعبه اللغة، ولكن الذي استوقفني قول الكاتب «وكان يقوم بإعدادها والإشراف عليها أساتذة من القسم، وبعض موادها الأشد ضعفًا موقعة بأسمائهم إلى جانب حرف الدال»، والحق أنّ من يقرأ العدد الأول الذي انتزعت منه الصورة ذات الخطوط الحمراء لا يظهر معدًّا أو مشرفًا، أما ثلاثة الأعداد الأخيرة فظهرت عليها أسماء بعض الطالبات، وأشير إلى ما وقع في قول الكاتب من خطأ ما دمنا في معرض ذكر الأخطاء وهو نعت المؤنث (موادها) بمذكر (الأشدّ)، وكان عليه للخروج من ذلك أن يقول «وبعض أشدّ موادها ضعفًا».

وأما نقله عن بعض أساتذة القسم من غضبهم وسخريتهم وقولهم»إن من المؤسف أن تمثل هذه النشرة قسمًا يدرس فيه عشرات طلاب الماجستير والدكتوراه المختصين في اللغة العربية وآدابها، ويضم نخبة من أفضل الأساتذة في هذا الاختصاص بالمملكة، فهي تعكس الجهل والإهمال معًا ولا يمكن الاعتذار عنها بأي عذر»؛ فهو قول غاضب مدفوع بروح الغيرة على العربية من جهة وعلى القسم من جهة أخرى؛ ولكنّ الغضب لا ينبغي أن يدفعنا إلى المغالاة في القول والتجهيل متناسين ظروف إعداد مثل تلك النشرات المصاحبة للندوات التي تسابق الزمن للظهور بين أيدي المهتمين، وهي نشرة مؤقتة لم يتح لها فضل مراجعة، وليت الساخرين الغاضبين كانوا انتدبوا أنفسهم لمثل تلك المراجعة، وأما الأخطاء التي وقعت فليست لجهل أو إهمال بل لضيق الوقت، وأما قولهم «إن الأدهى والأمر أنها كانت توزَّع على أساتذة وأستاذات قدموا إلى الندوة من خارج المملكة، بالإضافة إلى أساتذة من خارج جامعة الملك سعود» فهو قول لا يناسب عقول من قُدمت إليهم؛ إذ هم أعقل من أن يفهموا غير ما يفهمه العاقل من أن هذه أخطاء طباعة وهبتها العجلة وأجاءها ضيق الوقت؛ ولكن الغاضب ربما يسرف في القول ويشتط بعض الاشتطاط، وهذا ما يفهم من بقية قولهم «فهل وصل بنا الضعف العلمي واللغوي إلى الدرجة التي لم نعد نعرف فيها ضعفنا؟! وهل أصبح الجهل يدعونا إلى المفاخرة والمباهاة بما فيه من عار علينا وخزي لنا؟!»، وهو قول غريب كل الغرابة، فليست الأخطاء التي تعرض لما ينشر سوى هفوات، وهي تقع في الكتب التي تُعنت مؤلفيها معاودة مراجعتها، فكم كتاب ذيّل بقائمة لما وقع فيه من أخطاء طباعية، ولا أحد يفاخر بالجهل ولا العار أو الخزي إن كان عاقلًا، والأخوة الزملاء الغاضبين [بالياء] أعلم الناس بما يناقشونه من أخطاء الرسائل العلمية والبحوث التي يحكمون عليها للنشر وللترقية، وأن لو رُجع إلى ما نشروه هم أنفسهم من بحوث أو أعمال لوجد فيها من أخطاء الطباعة والأوهام ما لا يقال عنهم بسببه أنه جهل، أو ضعف، إن الكمال لله وحده، ولكن مكانة القسم وقدره لا تزوى في نشرة عابرة، فمكانة هذا القسم الذي شُهد له بالجودة دونها خطوط حمْر.

- الرياض