Saturday 15/03/2014 Issue 432 السبت 14 ,جمادى الاولى 1435 العدد

كبسكويتة شاي!!

صُلبةٌ كما يليق بحالتها الكيميائيةِ، لكنها تذوب! أليس من الغريبِ أنه يمكن وصفها بالهشةِ أيضًا؟ تبدو هذه حالةٌ جديدةٌ بين الصلبِ والسائلِ ويظل الغازُ يدور في محور الرائحةِ..عليها أن تكونَ عجيبةً من عجائب الدنيا السبع!!

أشهر بسكويتةٍ في الحكايات هي «بسكويتةُ الزنجبيل» التي تحمّلت حرارة الفرن التي منحتها الحياة ولم تتقبل أن تكون مجرد غذاءٍ لرجلٍ عجوزٍ وامرأته، ولكنّ الثعلبَ استطاع أن يفوزَ بها أخيرًا، كم يبدو هذا الثعلبُ محظوظًا فهو ينتصر في كل الحكايات ويفوز بقطعة الجبنةِ مرةً وبالبسكويتةِ مرةً أخرى، لكنّ ذلك لا يمنع أنه عجز عن التقاطِ العنب مدعيًا أنه مجرّد حصرم!

من الغريبِ أن يُطلقَ اسم «بسكويت الجيشِ» على إحدى الوصفات الشهيرة لصنعه، وهو ما كان يتناوله جنودُ الجيشِ النيوزيلندي في أثناءِ الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي جعل أورموند بورتون المؤرخ الحربي يخصّص جزءًا من مذكراته للحديث عنه فيتذكّر «قرمشته» وصلابته إلى الحدّ الذي قد يتسبب بتحطّم أحد الأسنان!

تعلو بلوراتُ السكر التي ترفع هرمون السعادة «البسكويتَ الدانماركي» الشهير الذي أظنه دخل كل المنازل والقلوب أيضًا، وحالما تفرغُ علبةُ الصفيح الزرقاء تلك تتحول إلى علبة تخزين لأدوات الخياطة غالبًا، وليس هناك ما يربط بين الاثنين سوى شعورِ الابتهاجِ الذي تمنحه قطعُ السكر - وربما نال النمل منها نصيبًا- وشعورِ الراحةِ الناجمِ عن إصلاح الإبرة لما أفسده عبث الطفولة!!

وبالحديث عن الطفولةِ تطلق الذاكرةُ إنذارًا قويًا كي أستحضر «بسكويت السعادة» الذي رافقنا طويلًا، جنبًا إلى جنبِ «كعكي» الوحش الأزرق في افتح يا سمسم، الذي يعشق البسكويت إلى الحد الذي يجعله يتخلى عن الحميةِ دون إحساسٍ بالذنب، كما أنه يمتنع عن تناول اللحمِ مكونًا مفهومًا جديدًا عن «الوحش» وهذا ما جعله وحشًا محببًا إلى الأطفال والكبارِ أيضًا بالرغمِ من صوته الأجشِ الغريب، عجيبٌ هذا الـ»كعكي»!

تصنعُ أمي نوعًا خاصًا من البسكويتِ الذي تضيف إليه اليانسون وحبة البركة وجوزة الطيبِ والقرفةَ والقرنفل وحبَ الهال وشيئًا من روحها، ونثق أننا مهما حاولنا اتباعَ المقادير فلن نحصلَ على الطعمِ ذاته، إنه أمرٌ يتعلّقُ بنكهة «الأمهات» التي لا تخطئها الذاكرة، تمامًا مثل الوطن.

- وصفاتُ البسكويتِ مثل الحياةِ، عليك أن تنفث فيها بعضًا منك كي يكونَ لها _ ولك_ هويةٌ.

بثينة الإبراهيم - القاهرة