منذ أن انتقلت مسؤولية رعاية الثقافة والفنون بالمملكة من الرئاسة والعامة لرعاية الشباب إلى وزارة الإعلام بعد أن أصبحت وزارة الثقافة والإعلام والوزارة تعاني اضطراباً في تعاملها مع قطاع الفنون والثقافة.. ومرت على الوزارة ثلاث فترات دون أن يستقر بها الوضع على سياسة ثابتة تتعامل بها مع المؤسسات التي تعنى بهذه الفنون والآداب ففي فترة وزارة الدكتور فؤاد عبد السلام الفارسي كانت الوزارة في طور استلام المهمة فكانت تبحث عن صيغة تتعامل بها، فشكلت لجنة المشورة، ثم طرحت فكرة ملتقى المثقفين الأول حيث طرحت أوراق عمل وأقيمت ندوات ونوقشت قضايا الثقافة والفنون والآداب..
وكان أبرز نتائج هذا الملتقى ظهرت في فترة تولي الأستاذ إياد مدني للوزارة أن تمخض عنه تأسيس جمعيات مدنية تعنى بالفنون مثل: جمعية التشكيليين، وجمعية المسرحيين، وجمعية الفوتوغرافيين..
وكان التوجه لأن تأتي هذه الجمعيات لتحتل تدريجياً مكانة المؤسسة العريقة (جمعية الثقافة والفنون) وهذا نابع من رؤية شخصية للمسؤول آنذاك.. إلا أن الأمور سارت بعكس ما كان يريد فلا هذه الجمعيات استطاعت أن تؤدي الدور المأمول لها ولا جمعية الثقافة والفنون استطاعت أن تطور من إمكانياتها وتتوسع في أعمالها وأصبحت الوزارة - مثل الذي جمع بين ضرتين ولم يستطع أن يعدل ولا أن يرضي أي منهما -، وفي فترة الوزير عبد العزيز خوجة ظهر توجه ثالث وهو أن تنتج الوزارة بنفسها البرامج والفعاليات الثقافية والفنية ولكن عن طريق متعهدين ومقاولين بتكليف مؤسسات إنتاج فني أو إعلامي بتنفيذها!!..
كل ذلك بسبب غياب الإستراتيجية الثقافية التي لا زالت الوزارة تبحث عنها وقد شارفت على العقد من الزمن وهي تبحث عنها ولعل أكبر ضحية لهذا الوضع هم الشباب المنتسبون للفنون بمختلف مجالاتها المسرحية والموسيقية والتشكيلية والتراثية.
الفضاء مفتوح والعالم مفتوح من حولنا ودول تفتح أذرعها لاحتوائهم وإعادة صناعتهم أعداءً لوطنهم، واختلال الأمن الفكري أخطر بكثير مما يعتقد الكثيرون.
الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون أبرز وأهم المؤسسات الثقافية التي تهتم بالشباب وإبداعاتهم والتضييق عليها وعدم إعطائها حقها الاعتباري والمالي يعيقها عن تقديم ما يؤمل منها، ووجود مؤسسة وطنية رسمية تمارس فيها هذه الأنشطة وتكفل نجاحها، أفضل من أن تمارس هذه الأنشطة في الخفاء أو أن يهجر أبناء الوطن ليجدوا مناخات أرحب الأمر خطير بكل ما تعنيه الكلمة ولا بد من تدخل سريع لحل هذه الأزمة وأن تسعى أيضاً وزارة الداخلية لأن الأمر يتعلق بأمن الوطن فكرياً وفنياً وثقافياً وحتى اجتماعياً.
مقترحات وحلول
أولاً: حلول جذرية:
1- السعي لاستصدار أمر سام لتحويل إعانة جمعية الثقافة والفنون والجمعيات الأخرى إلى ميزانية ثابتة.
يمكن من خلالها التوسع في افتتاح فروع للجمعية حيث أن الوطن باتساعه الجغرافي لا يزال بحاجة إلى ذلك.
2- إذا كانت الدولة لن تقوم ببناء منشآت (ولا أظن ذلك) يمكن أن تكرر التجربة الناجحة التي قامت بها بأن تلزم إحدى شركات الاتصالات أو الشركات الكبرى (سابك، أرامكو) أو البنوك ببناء المقرات مثلما فعلت شركة الاتصالات السعودية في بناء مقرات مراكز الرعاية الصحية الأولية لصالح وزارة الصحة.
ثانياً: حلول مؤقتة
1 - تقوم وزارة الثقافة والإعلام بتقديم دعم خاص للبرامج والفعاليات التي تنفذها الجمعية.
2 - تتحمل الوزارة تكاليف إيجار مقرات الجمعية وفروعها حتى يتم إنشاء مقرات دائمة.
3 - نقل مَلاك الموظفين المتفرغين (الإداريين، و السكرتارية، والمحاسبين، والسائقين، والعمال ومن في حكمهم) إلى ملاك وزارة الثقافة والإعلام - بالتعاقد أو التوظيف - وإعارتهم للعمل في الجمعية (تخفيضاً للأعباء المالية).
4 - توقف الوزارة بعض الأنشطة الفنية والثقافية المشابهة للبرامج التي تنفذها الجمعية وتقدم المخصصات المالية للجمعية لتنفيذها (بحيث تكون الجمعية منتج منفذ للوزارة بدلاً من لجوئها للمؤسسات والشركات الفنية) ويتم التفاهم مع وزارة المالية و الممثل المالي لها على صحة الإجراء وسلامته).
وأخيراً أن الأوان لأن تعمل المؤسسات الثقافية وفق سياسة وإستراتيجية وخطط خمسية على أقل تقدير وأن يتوقف العمل بسياسة الرأي الشخصي الذي يتغير برحيل ذلك المسؤول.
استدراك:
أسئلة أعيد طرحها: هل استفدنا من مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث في مجالات الفنون (مسرح، تشكيل، موسيقى، سينما، تلفزيون) لا أعتقد وذلك بسبب غياب الإستراتيجية.