هنا مقال مهم للصحافي الأمريكي كليف كينكيد، نشر في 9 أغسطس 2013 على موقع جمعية مراقبة ممارسات الإعلام “الدقة في الإعلام” (www.aim.org).
هناك براهين متزايدة على أن توم كورولوغوس، وهو عضو جماعة ضغط جمهورية قوية كان هو العامل الرئيس وراء فشل مجلس النواب القيام بواجبه في التحقيق في أنشطة قناة الجزيرة المشبوهة على الأراضي الأميركية. يوصف كورولوغوس باعتباره صقرا من صقور الضغط (LOBBY) الجمهوريين، ويستطيع أن يؤثر في الكونغرس في كل أمر يتدخل فيه تقريبا. نفوذ كورولوغوس القوي يشرح لماذا لم يعقد النائب مايكل ماكول (جمهوري من تكساس) رئيس “لجنة الأمن القومي” في مجلس النواب جلسات استماع علنية للتحقيق في اختراق قناة الجزيرة السهل لأمريكا، رغم ما عرف عنها من دعم لجماعة “الإخوان المسلمين” وحركات إرهابية كالقاعدة وحماس.
ومن المعروف أن أموالا هائلة قد دفعت لتسمح بوصول أحدث نسخة من محطة التلفزيون الإرهابية إلى سوق وسائل الإعلام الأمريكية. والجمهوريون الذين كان ينبغي أن يحمونا ويمنعوا ذلك باعوا الأمن الوطني بثمن بخس.
القناة لديها نسختان: عربية وإنكليزية ، وتعمل بصورة وثيقة مع الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية المرتبطة بها كتنظيم “القاعدة” وحركة “حماس”.
التدشين الرسمي لقناة “الجزيرة أمريكا”، سيكون بعد أقل من أسبوعين من الآن. وبعد هذا الانطلاق، تقول القناة الجديدة أن قناة “الجزيرة الإنكليزية” لن تكون متاحة في الولايات المتحدة.
وبعد أن طُلب منه تفسير لتقاعسه، لم يكن لدى السيد مايك روزين المتحدث الصحافي باسم ماكول رئيس “لجنة الأمن القومي” في مجلس النواب أي تعليق. ولكن وجود اسم كورولوغوس في القضية يفسر الكثير. كان كورولوغوس سفيرا لأمريكا في بلجيكا في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، ويعمل الآن “مستشارا استراتيجيا” لدى جماعة الضغط “دي إل إيه بايبر” (DLA Piper)، وهي شركة محاماة عملاقة، وأجرى المذيع بريان لامب من قناة “سي-سبان” السياسية (C-SPAN) مع كورولوغوس مقابلة عجيبة ومدهشة في 14 مارس 2013 ، حيث اعترف فيها كورولوغوس بعمله لصالح قناة الجزيرة ، ولكنه قال إنه “لم يكن حقا” يشعر بالقلق إزاء ملكية قناة “الجزيرة أمريكا” من قبل حكومة داعمة لجماعات وحركات إرهابية.
وقال كورولوغوس: “أنا صحفي. لقد ولدت وترعرعت في عالم الصحافة، وحصلت على شهادة جامعية عليا من كلية كولومبيا للصحافة، وأصبحت “زميل مسافر” لبوليتزر لتفوقي الدراسي. أنا مع حرية الصحافة، وكلما زادت الحرية شعرت بسعادة هائلة. قناة “الجزيرة أميركا” ليست قناة “الجزيرة الإنجليزية” ولا “الجزيرة العربية”. سيكون لها مكاتب في جميع أنحاء البلاد. وستصبح من أقوى وكالات الأنباء. قريبا ستشاهدون “فوكس” أو “إن بي سي” وغيرهما، وفي نفس الوقت ستقرؤون في الشريط الإخباري أسفل نفس الشاشة أخبارا من “الجزيرة أمريكا”. سوف تقرؤون عن حريق في البرازيل أو تشيلي والخبر قادم من “الجزيرة أمريكا”. سيكون لديهم مكاتب في جميع أنحاء العالم أكثر من جميع منافسيهم.
وواصل كورولوغوس حديثه بمقارنة مهنية الجزيرة مع “بي بي سي” و”صوت أمريكا”. وأكد أن صحافيي الجزيرة سيكونون “نموذجا ومعيارا” للصحافة المهنية، كما زعم.
وبعد أن قدم هذه التصريحات الدعائية، فقدت قناة الجزيرة صدقيتها تماما في مصر، حيث فضح المصريون أمام جميع العالم أنشطتها “الدعائية” لصالح الإخوان المسلمين. ووقع تمرد بين موظفيها بسبب تحيزها، وتمت مقاطعة الجزيرة من قبل معظم الصحافيين ووسائل الإعلام في مصر باستثناء من ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين. وحتى قبل هذه الفضيحة اُنْتُقدت قناة “الجزيرة الإنجليزية” بشدة ، حتى من قبل الليبراليين الأمريكيين لتجاهلها التحرش الجنسي بمراسلة “سي بي إس” نيوز لارا لوغان أثناء تغطيتها ثورة 25 يناير المصرية، عندما كانت الجزيرة تهتف مبتهجة للإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك المؤيد للولايات المتحدة.
وبالرغم من كل ذلك، رفض النائب ماكول باستمرار فتح تحقيق في انطلاق قناة “الجزيرة أمريكا”، حتى بعد أن دفعت القناة لآل غور وشركائه 500 مليون دولار لشراء “كارنت تي في” (Current TV). وهذه الصفقة ستسمح أن تصل “الجزيرة أمريكا” إلى 40-50 مليون منزل أمريكي.
وكان رأي المدعي العام الأمريكي السابق (أي وزير العدل) مايكل موكاسي فيما يتعلق بالجزيرة “أعتقد أنه إذا ثبت تحكم جهة “أجنبية” بوسيلة إعلام داخل أمريكا، فينبغي التحقيق في الأمر “.
.وذكرت جمعية “الدقة في الإعلام” أن عمليات الجزيرة الحالية في الولايات المتحدة غير قانونية ، لأنه لا يتم وصف برامجها كدعاية (بروباغاندا) خارجية، كما هو مطلوب بموجب قانون تسجيل الوكلات الأجنبية (FARA). وقد صدر هذا القانون أصلا لمنع الوكالات الأجنبية المؤيدة للنازية من نشر الدعاية داخل الولايات المتحدة، ولكنه ينطبق بشكل عام على وكالات الحكومات الأجنبية والقوى السياسية الخارجية.
وفي الوقت نفسه، أرسل النائب تيم مورفي إلى “هيئة الاتصالات الفيدرالية” (FCC) رسالة يطلب فيها مراجعة موقف الجزيرة القانوني في سياق قانون “الملكية الأجنبية لوسائل الإعلام” في الولايات المتحدة، ولكنه حصل على رد سلبي متأخر. وليام تي. ليك رئيس المكتب الإعلامي لـ “هيئة الاتصالات الفيدرالية” (FCC) رد ببساطة على مورفي بأن الهيئة ليس لديها سلطة قضائية على هذه المسألة.
ولكن قال مايكل كوبس المفوض السابق لهيئة الاتصالات الفيدرالية (FCC) في مقابلة، إن “نشاطات القنوات العاملة في الولايات المتحدة كالجزيرة وروسيا اليوم، وغيرهما من شبكات الدعاية الأجنبية الأخرى، تعتبر موضوعا مناسبا للتحقيق عبر “هيئة الاتصالات الفيدرالية””. وأضاف: “أعتقد أن من الواجب على الهيئة إجراء تحقيق شامل لفهم ماذا يفعلون في بلدنا”. وتساءل عن تأثير تلك القنوات على وسائل الإعلام المحلية والمجتمع الأمريكي.
وقدم المذيع جيري كيني شكوى إلى هيئة الاتصالات الفدرالية لكون الجزيرة تبث بشكل غير قانوني عبر بنية اتصال تحتية تم تأسيسها - جزئيا - بأموال دافعي الضرائب الأمريكان. ولكن لم يصله أي رد من الهيئة.
وذكرت جمعية “الدقة في الإعلام” أيضا أن الجزيرة تهربت من قانون يتطلب الموافقة الفيدرالية على الاستثمارات الأجنبية في أمريكا التي قد تمس الأمن الوطني. “لجنة التدقيق في الاستثمار الأجنبي” في الولايات المتحدة (CFIUS) هي تحت ولاية وزارة الخزانة، وهي مسؤولة عن تحليل آثار مثل هذا الاستثمار.
وفي عام 2002 مثلا، راجعت “لجنة التدقيق في الاستثمار الأجنبي” في الولايات المتحدة (CFIUS) صفقة شراء مجموعة “داليان واندا” الصينية لمجموعة “آي إم سي” الترفيهية (AMC) ، التي تمتلك أكبر سلسلة لصالات عرض الأفلام السينمائية في أمريكا (تأسست عام 1920 في كانساس سيتي، وكانت تملك وقت بيعها أكثر من 5,000 شاشة عرض يعمل بها أكثر من 26,000 موظف وموظفة).
وكما أشار - بحق - الكاتب زاك كولمان “بث الأخبار أكثر حساسية من الناحية السياسية من تشغيل صالة عرض سينمائية وتاريخ قناة الجزيرة أكثر إثارة للجدل بكثير من مجموعة “داليان واندا” الصينية التي لم تكن معروفة سابقا في الولايات المتحدة”.
في مقابلته المدهشة مع “سي-سبان” ، اعترف كورولوغوس بممارسة الضغط (Lobbying) في الكونغرس بالنيابة عن مختلف الرؤساء الجمهوريين، وتهرب عندما سئل عن ممارسة الضغط في الكونغرس لصالح قناة الجزيرة قائلا: “لا أزال أعمل في هذا السن، لأنه لا يوجد أي شيء آخر أقوم به. أمنيتي أن أعمل كمدرب تزلج على الجليد كما كنت في شبابي، نملك كبينة للتزلج خارج أسبن وبالمناسبة، نملك أيضا معرضا فنيا”.
كورولوغوس يمثل نصف قوة عائلته التي تضم زوجته القوية ، آن ماكلولين التي كانت متزوجة في السابق من جون ماكلولين المعلق السياسي الشهير. واسم المعرض الفني “معرض آن كورولوغوس”.
وجرى في مقابلة كورولوغوس مع “سي-سبان” هذا الحوار المدهش عن الشركة التي تمارس الضغط “دي إل آيه بايبر” (DLA Piper):
المذيع لامب: أنت تعمل لدى شركة تدعى “دي إل إيه بايبر”، وهي تضم 3,400 محام في جميع أنحاء العالم ، ولديها 64 مكتبا في هذا البلد أو في جميع أنحاء العالم؟
كورولوغوس: بل في جميع أنحاء العالم.
لامب: ومن ضمن محاميكم هناك سيناتورات متقاعدين كالسيناتور ميتشل ، والسيناتور داشل ، وآخرون هم...
كورولوغوس: هم.... قلعة رجال الكونغرس.
لامب: ولكن هل ترى من المقبول أن هؤلاء الناس يصلون إلى الكونغرس كنواب أو سيناتورات ثم ينتقلون بعد ترك الكونغرس للعمل في شركات تمارس الضغط على الكونغرس؟!
كورولوغوس: بالطبع، إنه أمر مقبول، ففي مرحلة ما، يتوجب على المرء الذهاب إلى مكان ما. لا يجب أن تكون ساذجا وتعيش على الهامش طوال حياتك في هذا البلد. من هو الساذج؟ إنه الشخص الذي يذهب إلى الكونغرس وينجذب للعمل ويبقى هناك. وأود أن أصحح معلوماتك، فخلال حديثنا زاد عدد المحامين في شركتنا إلى 3,800 محام. والزيادة مستمرة. إنهم منتشرون في جميع أنحاء...
لامب: من يملك هذه الشركة؟.كورولوغوس: إنها تكتل عملاق لشركات محاماة تشترى وتبيع شركات أخرى وتتوسع لتكبر. شعارهم هو، “كل شيء مهم” ، ولذلك نحن نفعل كل شيء، من هنا إلى الصين إلى سنغافورة إلى أمريكا الجنوبية. إنها شركة كبيرة وأنا “مستشار استراتيجي” لهم. ماذا يعني ذلك؟ حسنا، هذا يعني أنها تطلب مني مشورة إستراتيجية وأعطيها لهم. لقد أعطوني لقب “كبير المستشارين” ولكنني قلت إنه يوحي بتقدم السن، لذلك اخترت لقب “مستشار استراتيجي”. نعم، تمثيل (مصالح) الغير يحق للجميع. إنه حق دستوري. هذه هي الطريقة التي برر فيها كورولوغوس عمله نيابة عن قناة الإخوان المسلمين.
شركة “دي إل آيه بايبر” (DLA Piper) لم تمثل فقط قناة الجزيرة لشراء تلفزيون آل غور “كارنت تي في” (Current TV)، ولكنها تنشط أيضا في صناعة “الخدمات المالية الإسلامية” في الشرق الأوسط.
ولذلك، يبدو أن “دي إل إيه بايبر” (DLA Piper) تعتبر البترودولارات أهم من أمن الوطن!!
** ** **
ملاحظة للمترجم: يبلغ عدد المحامين في شركة “دي إل آيه بايبر” حاليا 4,200 وعدد مكاتبها 77 وبلغ دخل الشركة لعام 2012 تقريبا 2,440 مليون دولار (2.4 مليار دولار). ويوجد لها فروع في قطر والسعودية والكويت ، ويمثلها في مصر “مكتب معتوق بسيوني للمحاماة”. (المصدر: موقع الشركة على النت).