في غرفةِ التحقيق يسألني الرقيبْ
لمَ قد ملأت مدينة الأحلام - يا هذا - نحيبْ؟
لكن أحزاني كنخلاتٍ يهز قلوبها خوفٌ،
فتستعصي على هلع المواقفِ
إذ تجيبْ:
يا سيدي..
كانت مدينتكم بساتين وأحلاماً
وأزهاراً وطيبْ
كانت مدينتكم كعشٍ
لم يطأ أرجاءهُ ضيقٌ
فكل الكون في أرجائهِ قلبٌ رحيبْ
كانت مدينتكم ملاذاً للبعيد وللقريبْ
وأنا غريبْ
بكآبتي قد جئتُ أبحثُ عن فؤادٍ
ضاع ما بين الأزقةِ
فهو حيران كئيبْ
قد تاه يسألُ كل شيءِ، في المدينةِ،
تائهاً، متسولاً، متعثراً...
وتعثرت كلماتهُ في «دمعةٍ»،
من صمت أركان المدينةِ.. تستريبْ
قد تاه يسألُ:
- أين آثار الحبيبْ؟
- أين آثار الحبيبْ؟
يا سيدي
هذا السؤال أراقني دمعاً ودمْ
وتكاثرت طعناتهُ في روحي الملقاة
في سجنٍ يراودُ حلمها: همٌ وغمْ..
ويمزقُ الأكباد بالذكرى، وموج حشاشةِ المجهول يغرقني:
فأغرق بين أعماق السأم..
وأشكو القيد أعواماً
ويشكو الكف آلاماً
فيحكم بيننا سوط الألمْ..
يا سيدي هذا السؤالْ
لكنهُ قطع الجدالْ
ذاك الرقيبْ
وأحال أحزاني - مباشرة - لآراء الطبيبْ؟!
نظر الطبيب إلى الفؤادِ،
... إلى العيونْ
جسّ الطبيب برعشةٍ هلع الشجونْ
ورأى بأنفاسي تباريح الجنونْ
لكنني أبصرتُ في أوراقهِ
رأياً عجيبْ
قال الطبيب بأنني:
داءٌ غريبْ؟..
داءٌ غريبْ!..
هذا الذي قال الطبيبْ!!