كلما جرى الحديث عن الأسماء تطرأ ببالي قصيدة (أسامينا) للشاعر اللبناني جوزيف حرب التي تغنت بها المطربة فيروز :
(اسامينا .. شو تعبو أهالينا تلاقوها .. وشو افتكرو فينا
الأسامي كلام .. شو خص الكلام .. عينينا هني أسامينا).
ولقد استفزتني مقالة بعنوان (فوضى الأسماء) بقلم الدكتور ابراهيم التركي المنشورة بصحيفة الجزيرة يوم الخميس 30 رجب 1435 في العدد(15218) والتي تناولت موضوع الاسم النسوي وربما تناولت بشكل أو بآخرعلاقة ذلك بالاسم العائلي وما إلى ذلك من تشابكات ،ومن خلال الموضوع تناول الدكتور التركي إشكالية التصريح باسم العائلة لدى الكاتبة مستشهدا بي في بدايات كتاباتي الأولى التي انطلقت من صحيفة الجزيرة عام 1403هـ.
لذلك أردت المداخلة والتوضيح بأنني ممن حاولن التعامل بذكاء مع الاسم واللقب العائلي حيث لم أرغب ان يقع صدام بيني وبين افراد الأسرة يستدعي منعي من الكتابة فكانت محاولتي تدريجية ولايخفى عليكم أهمية الشعور بالأمن والطمأنينة كشرط لاستمرار الكتابة إن لم يكن هناك تشجيع كبير بالمقابل.
فكان أن حاولت التمهيد للعائلة بقبول الاسم الثلاثي مكتفية باسم الأب والجد، ثم حين اكتسبت القدرة على المواجهة بمافيه الكفاية بدأت إشهار اسمي كاملا وذلك على مراحل. ولربما وجدت كثيرا من المعاناة التي لم يدركها كثيرون بخصوص هذا الأمر لكونهم ذكورا لم يمروا بمرحلة من هذا النوع عسيرة جدا على كاتبة أنثى تنتمي إلى عائلة محافظة لها علاقة بإرث والتقاليد وهكذا.
ولم تزل إشكالية الاسم واللقب العائلي تثيركثيرا من الإشكاليات في ذلك الزمن الصعب لتكبر المفاجأة لدى غيري ومع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي وانتشارها فينطرح تساؤل: كيف في القرن الواحد والعشرين ونحن نناقش قضايا كبرى مازلنا نطرح إشكالية الاسم المؤنث مرتبطا باللقب العائلي نعم .. إن مؤشرات ذلك تدل على عدم الفخر بانتماء كاتبة ما لعائلة نجدية ولربما لوكان الكاتب ذكرا لاختلف الأمر فخرا واعتزازا وانتماء وشهرة!.
هناك قضية اخرى في هذا الشأن تتعلق بتفكير العائلة المتعلق بمسألة إخفاء اسم الأنثى أوإعلانه ..فالكتابة إذ تعلن الاسم فينكشف أمام الجميع من العامة .. فكأن تلك الأنثى ارتكبت معصية أو لكأنها كشفت عن عورتها أو بعض جسدها؟!
ولقد ذكر الكاتب ابراهيم التركي بأنه (لم يتخذ يومًا ولن يتخذ اسمًا مستعارًا فالوجهُ لا يُغطَّى والهويةُ لا تُنتحلُ)وههنا أتوقف لأشير إلى الإشكاليات التي أوقعت كتابي (أشق البرقع ..أرى) في مأزق الاسم حيث كان العنوان سببا لعدم فسح مؤلفي لينم ذلك الإيحاء لسطحية التلقي فبرغم أن من توجه لقراءة الكتاب يكتشف من الصفحة الأولى بعد الغلاف قصة الاسم (العنوان)حيث ذكرت :( كل مايحول دون ذاتي ..كل مايحول دون رؤيتي .. برقع ، سوف أشقه لأَرى..وأُرى). وهومايؤكد وقوع اللغة الأدبية الإبداعية في إشكالية الاستعارة والكناية في البلاغة العربية التي لاتخضع العقلية التقليدية المحافظة المتشككة في الكاتب وكتابته بتصورات مسبقة دون النظر في دلالاتها أو أبعاد مضامينها. فمابالكم بالاسم المؤنث الذي يحاول أن يحفر في صخر الواقع الاجتماعي قبل ثلاثة عقود وأجيال وربما أكثر من ذلك.
ههنا أسأل :هل من المفترض أن نكون تقليديين جدا في اختياراتنا من اللغة بحيث تموت بين ثنايا عقول التلقي ،أم نستمر في محاولة ترويض التلقي على أبعاد اللغة الإبداعية وتطلعاتها؟.