من حق أساتذتنا علينا أن نهتبل الفرص إذا سنحت لنقدم لهم ولو قليلاً من الوفاء، وبخاصة إذا كانوا ممن حملوا مشعل العلم والتربية، وتميزوا بخصال يمكن أن ألخصها في عبارة واحدة هي شهامة الرجال، وهي سمة واضحة في أستاذنا وشيخنا الأستاذ الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوازان أستاذ الأدب السعودي في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام. وأبو أديب - حفظه الله - مثال صادق لكل معاني الأبوة والتربية وطيب التعامل، وفي كل المواقف التي عشناها معه، ودار النقاش حولها في المجالس العلمية الرسمية أو الخاصة نشهد له أنه كان ممن يغلبون جانب العفو والتماس العذر لكثير من الطلاب إذا تأخروا أو قصّروا. ومكتبه في الكلية مزار للأساتذة والطلاب من القسم وغيره، ولا يكاد يخلوا من الزوار المحبين لأبي أديب - يحفظه الله -، يستقبل الجميع بأريحية وبشر وضيافة كريمة، وهي ضيافة امتدت لتشمل مجلس القسم، على مدى سنوات في كل أسبوع لم تنقطع حتى في حال غيابه. أما الحديث عن علمه فهو من أوائل من كتبوا عن الأدب السعودي، وتخصصوا فيه، وتعد كتبه من المصادر الأصيلة التي تناولت هذا الأدب بالدرس والنقد، وبخاصة الأدب في الحجاز، كما يحفظ له حرصه وحماسته، وتوجيه طلابه لدراسة الأدب السعودي في أقاليمه المختلفة يشاركه في ذلك أستاذنا أ. د. محمد بن سعد بن حسين - رحمه الله - ونقرُّ للرجلين اعتزازهما بالأدب السعودي، وحماستهما له، وأنه لا يقل شأناً عن غيره من نتاج البلاد العربية الأخرى.
أختم بما دار بيني وبينه من حوار بعد سنتين من إصابته بالعارض الصحي، وكنت وقتها وكيلاً لقسم الأدب ؛ حيث اتصلت به وطلبت منه أن يعود للقسم ليستفاد من خبرته العلمية والبحثية، فرد علي بأن عليكم أن تنسوا الدكتور إبراهيم فقد انتهى، هذه النظرة لم تطل عنده لأنه من أولئك الرجال الذين جبلوا على العطاء، وطبعوا على مخالطة الناس والتفاعل معهم، فعاد من جديد للقسم ليكون أحد أعلامه وعلمائه.. تحية لك أستاذي الكريم، وعذراً إن قصرت في حقك، والعذر عند كرام الناس مقبول.